السبت ١٩ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم
إلام تشدك عيناك...!
" أين تذهبُ هذا المساءْ؟ "المدينة مثلكَ .. مثقلةٌ بالهمومِوبعضُك لا يستجيبُ لبعضِكَ ..إلا بشيءٍ من الشك والخوفِوالنظرةِ القاسيةْكل ما في الطريقِيحدِّقُ في خطوك المتثاقِلِدون سؤالكَ: " من أنتَ يا ذا الغريبُ؟ "فكلٌ يحثُّ خطاهُ ببعض التوسُّلِ للوقتِألا يفضَّ بكارةَ ما يتبقى من العمرِحتى يفوزَ بحفنةِ لهوٍ .. يعودُ بهاليواريَ سوءةَ ما ماتَ ..في الليلةِ الماضيةْأين تبحثُ عمن يزيحُ غبارَ المسافاتِ عنكَوكل الشوارع مكتظة بالفراغِمن الحبِّ .. والأمنِ ..واللمسةِ الحانيةْسِرْ قليلاً ..وقلِّبْ وجوهَ الحوانيتِ واللافتاتِوأعمدةِ النورِوالقططِ الباحثاتِ عن القوتِوالأرجلِ المتعباتِ من الشغلِ طولَ النهارِإلامَ تشدُّكَ عيناكَ ..إلا إلى وجهِ قبحٍ ..ومُفردةٍ لاهيةْهل ستذكرُ حينئذٍ ..صُورَ الطفلِ ذي السبعِ أعوامَ ..وهو يطوفُ بأكتافِ أعمامِهِ ..ليذوقَ رحيقَ التوحُّدِ في جسدٍ واحدٍ ...وإذا ما توارَى مع الغيمِ حيناًيعودُ سريعاً لحِضنِ أبيهِبِلا حُجَجٍ واهيةْ...؟ذلكَ الطفلُ .. أينَ مضَى؟والأبُ الحِضنُ ..صُورتُهُ نفختْ في فم الموتِ من رُوحِهَاوأضَاءتْ له الليلَ من عينِهاواستعانتْ على البردِ بالصبرِألقتْ عباءَتَهَا .. وتولَّتْلعلكَ تفهمُ بعد سنين الجَوَى ما هِيَأين تذهبُ؟بيتُكَ ليسَ هناوشعاعُ الشتاءِ يدقُّ ببابكَوالريحُ تقتلعُ الحيرةَ المستبدةَ قبل انسحابكَوالبحرُ يهربُ من ذكرياتكَفي موجةٍ عاتيةْها هو الليلُ ..يقرأ وِرْدَ التَّخَلـِّيعلى قطعةٍ من قميصِ الأمانِيويُلقِي بها في غياباتِ نهرٍيفيضُ حنيناً على حلم قلبينِظنَّا بوعدِ المدينةِ خيراً ..ولكنَّها عن أمانيهما ساهيةْهيَ تلكَ المدينةُ .. مثلكَمثقلةٌ بالجروحِفَسَلْهَا كم السَّاعةُ الآنَ ؟لابدَّ ترحلُ عنهَا ... وعنكَفقدْ حانَ بوحُ الصباحِ .. بعينِ الغروبْقَد تشققَ جِلدُ المدينةِأخرجَ من بَطنِها جُثثاً هَامداتٍتَسَكَّعْنَ في الطرُقاتِ طويلاًإلى أن تَعَوَّدْنَ عشقَ الهروبْجسدُ الليلِ يفضحُ ما كانَ قبلَ الرحيلِفَلـُذْ أنتَ بالفجرِ ...وابعثْ عيونكَ كي تستعيذَ بلونِ النهارِفلا زِلتَ في عينِ هذي المدينةِمَحضَ غَريبْ ...!لا عليكَ ..ولا تنسَ أنكَ ذقتَ رحيقَ التوحدِمنذُ رجعتَ لحضنِ أبيكَفلا تقتل الحُجَجَ الواهيةْكلُّ ما في المدينةِ ..يهربُ منكَ .. إليكَ ...فكنْ مثلما كنتَ ..في صورةِ الطفلِ ذي السبعِ أعوامَوابدأْ هنا ..سِرْ قليلاًوقلِّبْ وجوهَ الحوانيتِ واللافتاتِوأعمدةِ النورِوالقططِ الباحثاتِ عن القوتِوالأرجلِ المتعباتِ من الشغلِ طولَ النهارِوفكِّرْ .. إلامَ تشدُّكَ عيناكَ ..تعرفْ ...إلى أينَ تذهبُ هذا المساءْ ...