لستُ لنفسي
وكُنت ظلُّ فكرةٍ هاربةٍ من دفاتر الغياب،
من ألم الأحباب
أحملُ وجوهًا لا تشبهني،
وأمشي في طرقٍ لا أعرف نهايتها.
أُصغي لصوتٍ في الداخل
يقول لي: كن للريحِ مأوى،
كن للغريبِ وطنًا،
كن للحنينِ مرآةً لا تُكسر.
لا نُحبُّ النميمة،
نرتب الفوضى ونحيي الصلاة
في قلوبنا هنا.
كلُّ ما فينا يتجه نحو الآخر،
نحو من يقرأنا دون أن يسأل،
نحو من يلمسُ أحزاننا كأنه يعرفها،
نحو من يمرُّ بنا كنسمةٍ
ويترك أثرًا لا يُمحى.
لستُ لنفسي،
أنا للذين لا يملكون صوتًا،
للذين يختبئون خلف ابتسامةٍ
ويحملون العالم في أعينهم.
أنا للقصائد التي لم تُكتب،
للأحلام التي لم تُحكَ،
للأرواح التي تنتظر أن تُفهم.
لستُ لنفسي،
أنا ذاكرةٌ تمشي على أطراف الوقت،
أحملُ في قلبي مدنًا غادرتني،
وأسماءً لم تعد تناديني.
كلُّ مساءٍ يفتحُ نافذته على وجهي،
يسألني: أين الذين وعدوك بالبقاء؟
فأصمتُ،
وأرسمُ على الزجاج وجوههم،
ثم أتركها تذوب.
نحنُّ إلى لحظاتِ العناقٍ
عناق الصباحات
التي يُمكنها أن تُنقذنا
من تيه وضلال ..
أحنُّ إلى نفسي حين كنتُ أصدقُ الغد وأقصدها
وأكتبُ رسائلًا بكل اللغات
وأنتظرُ أن يقرأ بعضهم
كما يقرأ العاشقُ ملامحَ الحلم
في وجه المساء
لستُ لنفسي،
أنا للذين مرّوا بي
وتركوني أكثر دفئًا،
أكثر هشاشة،
أكثر إنسانًا في ظل فكرة هاربة.
