الخميس ٢٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥
بقلم حسن عجمي

قوانين لا مُحدَّدية الكون

ثمة قوانين ناجحة في التعبير عن لا مُحدَّدية الكون منها القانون الفيزيائي التالي: الطاقة × صفر = صفراً. هذا يعني أنَّ الطاقة مضروبة (رياضياً) بالصفر تساوي صفراً. و هذا القانون من قوانين لا مُحدَّدية الكون لأنه يتضمن أنَّ الكون غير مُحدَّد.

بما أنَّ الطاقة × صفر = صفراً، إذن الطاقة = صفراً ÷ صفر. ولكن الصفر مقسوم (رياضياً) على صفر نتيجته غير مُحدَّدة. بذلك الطاقة غير مُحدَّدة. لكن إن كان الكون يتكوّن على ضوء طاقته بينما طاقته غير مُحدَّدة، فحينئذٍ الكون غير مُحدَّد كأن يكون من غير المُحدَّد إن كانت الجُسيمات (كالإلكترونات) جُسيمات أم موجات نقائض الجُسيمات. هكذا ينجح القانون الفيزيائي السابق في تفسير لماذا الكون غير مُحدَّد كأن يكون من غير المُحدَّد إن كان الجُسيم (كالإلكترون) جُسيماً أم موجة. و على أساس هذا النجاح يكتسب القانون الفيزيائي السابق صدقه. فبما أنَّ الطاقة × صفر = صفراً مما يتضمن أنَّ طاقة الكون غير مُحدَّدة، إذن من الطبيعي أن يكون الكون غير مُحدَّد (لأنه يتكوّن على ضوء طاقته غير المُحدَّدة). من هنا، ينجح القانون القائل بأنَّ "الطاقة × صفر = صفراً" في تفسير لا مُحدَّدية الكون. من المنطلق نفسه، الكتلة × صفر = صفراً كما أنَّ السرعة × صفر = صفراً مما يتضمن لا مُحدَّدية الكتلة و لا مُحدَّدية السرعة (فالقانون الأول يتضمن أنَّ الكتلة = صفراً ÷ صفر والقانون الثاني يتضمن أنَّ السرعة = صفراً ÷ صفر بينما الصفر مقسوم على صفر نتيجته غير مُحدَّدة). هذه القوانين المُعبِّرة عن لا مُحدَّدية الطاقة والكتلة والسرعة تنجح في تفسير لماذا لا يوجد قياس دقيق لطاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم.

العلماء ناجحون فقط في الحصول على قياس تقريبي لطاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم فالعلوم خالية من اليقينيات [1]. أما القوانين الفيزيائية السابقة فناجحة في تفسير ذلك على النحو التالي: بما أنَّ الطاقة × صفر = صفراً، والكتلة × صفر = صفراً، والسرعة × صفر = صفراً وبذلك الطاقة والكتلة والسرعة غير مُحدَّدة، إذن من المتوقع استحالة الحصول على قياس دقيق و مُحدَّد لطاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم من جراء لا مُحدَّدية الطاقة والكتلة والسرعة. هكذا تنجح القوانين الفيزيائية السابقة في تفسير لماذا لا توجد قياسات دقيقة و مُحدَّدة لطاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم. و هذا النجاح التفسيري يشير إلى صدق القوانين الفيزيائية السابقة.

من المنطلق نفسه، بالنسبة إلى مبدأ اللايقين للفيزيائي هايزنبرغ، من المستحيل قياس سرعة و مكان الجُسيم في آن فكلما ازدادت دقة قياسنا لسرعة الجُسيم قلّت دقة قياسنا لمكانه والعكس صحيح مما يتضمن أيضاً استحالة قياس كتلة وطاقة الجُسيم و مكانه في آن من جراء ارتباط سرعة الجُسيم بكتلته وطاقته [2] . و هذه الاستحالات متوقعة لأنَّ طاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم غير مُحدَّدة كما تقول القوانين الفيزيائية السابقة مما يدلّ على مصداقيتها وصدقها. فبما أنَّ طاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم غير مُحدَّدة كما تؤكِّد على ذلك القوانين السابقة، إذن من المتوقع استحالة الحصول على قياس دقيق لسرعة وكتلة وطاقة الجُسيم ومكانه (المرتبط بسرعته). هكذا تنجح القوانين الفيزيائية السابقة في التعبير عن مبدأ اللايقين العلمي مما يعزِّز صدقها.

من جهة أخرى، طاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم متغيّرة و مثل ذلك أنَّ مع زيادة سرعة الجُسيم تزداد كتلته وطاقته [3]. و هذا يشير إلى أنَّ طاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم غير مُحدَّدة تماماً كما تقول القوانين الفيزيائية السابقة مما يدلّ على أنها قوانين صادقة. إن كانت طاقة وكتلة وسرعة الجُسيم مُحدَّدة، فحينئذٍ لن تتغيّر طاقته وسرعته وكتلته لكونها مُحدَّدة. ولكنها تتغيّر. بذلك طاقة وكتلة وسرعة الجُسيم غير مُحدَّدة. و بما أنَّ االقوانين الفيزيائية السابقة (ألا و هي أنَّ الطاقة × صفر = صفراً، والكتلة × صفر = صفراً، والسرعة × صفر = صفراً) تتضمن أنَّ طاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم غير مُحدَّدة، إذن من الطبيعي أن تتغيّر طاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم من جراء لا مُحدَّدية طاقته وكتلته وسرعته (فإن كانت مُحدَّدة فلن تتغيّر). هكذا تنجح القوانين السابقة في تفسير لماذا تتغيّر طاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم. و هذا النجاح دليل إضافي على مصداقية القوانين السابقة و صدقها.

القوانين السابقة علمية لأنها قابلة للاختبار. فبما أنَّ القوانين القائلة بأنَّ الطاقة × صفر = صفراً، والكتلة × صفر = صفراً، والسرعة × صفر = صفراً تتضمن أنَّ الطاقة والكتلة والسرعة غير مُحدَّدة، إذن إذا تمكّنا من الحصول على تحديد صادق ويقيني ودقيق لطاقة وكتلة وسرعة أيّ جُسيم فحينئذٍ القوانين السابقة كاذبة. من هنا، تلك القوانين السابقة قابلة للاختبار مما يجعلها قوانين علمية.

المراجع

[1] Carlo Rovelli: “Science Is Not about Certainty” published in “The Universe”. John Brockman (Editor). 2014. HarperCollins Publishers.

[2] David Lindley (Author): Uncertainty: Einstein, Heisenberg, Bohr, and the Struggle for the Soul of Science. 2008. Anchor Books.

[3] Albert Einstein (Author): Relativity: The Special and The General Theory. 2023. Fingerprint Publishing.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى