حزيران
| قل يا حزيران.. قل ما خلتــه أدبا | وما حفظت على أسماعنـا كذبــا |
| قل يا حزيران.. قل ما خلته أملا | بعد الجريمـة يأتينا ومـــا اقتربـــا |
| قل يا حزيران.. قل ما جئت تخبرنا | وما رأيـت، ومـــا أورثتنـــا تعبــــا |
| قل يا حزيران.. قل ما شئت مغتربا | على ضفافك، لكن بعد ما اغتربـا |
* * * *
| صاحت بلاد وما صحت عزائمهــا | ولا تحـــرك مـن أثقلتـــه ذهبــــا |
| فلا الدمـــاء عزيــــزات مواردهــــا | ولا سماء لنـــا تستوحش الشهبــا |
| ولا الشفـــــاه حبيبــــات نكلمهــــا | ولا النسائم أشواق وريــــح صبــا |
| ولا الحقيقة بعد اليـــوم تطربنــا | ولا قصيدة شعــر تحمل الطربـا |
* * * *
| تلك الملايين ونيويورك تعرفهـــا | وكل نهــــد سقاها مثلمــا شربـا |
| وكل بئر من البتــــرول مشتعـــل | في ساحـة الدار متروك لمن نهبا |
| وكل قبر علــــى جدرانــه كتبـت | مرثيـــة، راح يتلوها لمـــن كتبــا |
| يا سادتي.. كان في ابطائكم سبب | لكنني الآن.. عفـواً لا أرى سببــا |
| لا تحمل الريح أسراراً لمـــن غلبـوا | ولا يؤخر عصف الريح مــن غلبـا |
* * * *
| ما للجماهير مــا زالــــت تحملنـــــا | أوزار من أورثوها العــار والنسبا |
| ما للحكومات ما انفكت تطاردنــا | وتحبس الشعر والبارود والكتبـــا |
| فكم نبي على الحادهم ذبحــوا | وكم أبي علــى عيدانهـــم صلبـا |
| لا يا حزيران.. أوراقـــي مبعثرة | وقصتي فوق ما قد قيل، أو كتبــا |
* * * *
| ما زال يطفىء من أنهارنا ظمــأ | ويطعم النار نــــاراً كلمـــا شربـــا |
| ما زال يبحث في نيويورك عن زمن | ويحسب الدهر دهراً والهوى خشبـا |
| مالت فلسطين في أتراحها اتكأت | فأمطروها رصاصا، عاهـــراً، غضبا |
| وأثقلوها قيوداً كلمــــــا صرخـت | وكلما حاولـــت أن ترفـــض اللعبــا |
* * * *
| يا للخيانات ما زالــــت ثعالبهــــا | تحـــرم النـــار والأشعـــار والأدبـــا |
| تحاصر الشعب منهوبــــا لشهوتها | وتطعم النـــار مـــن غاباتنــا حطبــا |
| يا للخيانات في افلاسها انطلقت | تحارب البحـــر والأمــــواج والسحبــا |
| قف يا حزيران .. لا تخدع بما حسبوا | فكلهم مجـــرم يغتـــال مــا حسبــــا |
| وكلهــــم ســـارق، في ثوبـــه أثـر | لميـــــت، كــان للتاريــــخ منتسبــــا |
| فلا الشعارات ما قالوا، وما فعلـــوا | ولا الحقيقــــة كانت مثلمـــا وجبــــا |
| ولا الحكاية فــي تحريـــك قافيـــــة | من يحمل السوط لا يشكو كمن ضربا |
| كل الجماهيـر محظــــور تمرسهــــا | ولا يحــق لهـــا أن تفهــــم السببـــــا |
| كل العصافير محظــــور تحركهـــــا | ولا يجـــــوز لــها أن تأكــــل العنبـا |
* * * *
| حضرت من عالــــم المأساة منتهيــا | ومنـــذ بدأت حرقـــت الثوب والهدبــــا |
| حضرت من آخر الأشيــــاء محترقــا | ومذ أتيـــت رفعــــت اللــــوم والعتبــا |
| أنــا نزيــــف ضحايـــا لا عداد لهــــا | وعـــن جراحاتهـــا ما زلــــت منتدبــــا |
| عبرت من عالم الأموات محتضرا | وما انتهيــــت.. دمــــي ما زال منسكبـا |
| عبرت من غيهب المجهول مبتدئا | بحــــر الدماء، وما عاشــــرت من سلبا |
| انا الدماء التي في كفكم سفحت | أنا الضحيـــة مـــا ساومـــت مغتصبـا |
| أنا حصيلــــة حرب، أو مؤامــــرة | انــــا بدايـــــة ليــل بـــــات منقلبـــــا |
من ديوان فصول في زمن الماساة
