

متنفَّس عبرَ القضبان «139»

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
أصدرت كتاباً بعنوان "زهرات في قلب الجحيم" (دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافيّة للنشر والتوزيع) وتناولت تجربتي مع الأسيرات حتى أواخر شهر آذار 2024، حين تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.
أواكب حرائر الدامون وأصغي لآهاتهن وآمالهن، وألمس رائحة الخذلان وأدوّن بعضاً من معاناتهن.
أعمل على زيارة جميع الأسيرات، كما فعلت قبل السابع من أكتوبر وبعده؛
حين أغادر بوابة السجن أتصل مباشرة بأهالي من التقيتهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات، وأهتم بإطلاع أهالي من تم التنكيل بهن بشكل خاص منعاً للتقوّلات؛
أحاول قدر استطاعتي إيصال صوتهن لكلّ بقاع العالم عبر "التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين" وناشطين أوروبيين.
عقّب الصديق نزار سرطاوي: "لكل واحدة أو واحد من أسرانا قصة ترويها أنت صديقي. قصص فيها الكثير من الوجع والمعاناة. ومن حين لآخر ترسم ابتسامه فرح صغيرة على شفتيه او شفتيها وتبعث فيها أو فيه شيئا من الأمل. الحرية للأسرى!"؟
عقّب الصديق سعيد أبو لبن من الشتات: "دمت نصيرا ومناصرا للأسرى والأسيرات ومدافعا عنهم وناطقا ومعبرا عن أمانيهم وأمنياتهم".
وعقّبت الصديقة رشا الزغيبي: "ربنا يفرجها ويهونها عليها وعلى جميع حرائر الدامون جميع قصص الأسيرات توجع القلب. بارك الله فيك أستاذنا العظيم على سردك لأدق تفاصيل الزيارة".

وعقّبت الصديقة فاطمة جوهر من الشتات: "أحزنني جدا وضع الأسيرات لا أدرى لماذا يعتقلوهن؟ هل من أسباب عالية الخطورة لا أرى شيئا بستحق كل هذا التنكيل والاستبداد ما هذا الإجرام يا رب لطفك وعفوك ورضاك. إن حكامنا يلهثون خلف التطبيع ألا يعلمون أنه أكلت يوم أكل الثور الأبيض.
اللهم نور البصر والبصيرة، اللهم الفرج العاجل لحرائر فلسطين السجينات، وللأستاذ المحامي كل الإكبار والتحايا والتقدير على هذه الرسالة الجليلة والمهمة الوطنية التي يقوم بها خدمة لأبناء وطنه".
وعقّبت أم رامي السلايمة: "فرج الله كربهن، ولك ألف تحية استاذنا الفاضل لجهودك الجبارة واصرارك لزيارتهن رغم كل المضايقات والعقبات التي تتعرض لها دون اجر ولا ثمن، في ظل غياب جميع المحامين لمساندتك. فليشهد التاريخ وسنشهد معه أنك كنت نصيرا لأسيراتنا واسرانا بعد الله دون مقابل. سيشهد التاريخ وسنشهد معه بمن استغل اهالي الأسرى من المحامين بزيارة أبناءهم مقابل اسعار خياليه دون رحمة. يوما ما سينعم أسرانا واسيراتنا بالحرية وعساها تكون قريبه بإذن الله ".
وعقّبت هبة الخمايسة: "يبدو أنك القشة التي يتعلق بها الغريق في بحر الظلمات، جزاك الله خير الجزاء على هذا المجهود العظيم والرائع. أتابعك من فترة وجيزة ورأيت فيك الجبل أمام عتمة الظلم، تختفي الظلمة ويبقى الجبل شامخاً صامداً".
"بدنا نروِّح"
زرت صباح اليوم الأحد 20.07.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب، لألتقي بالأسيرة رهام رياض موسى (مواليد 5.05.1974) من كفر عبّوش/ منطقة الكفريات/ طولكرم، تشتغل في شركة دواجن فلسطين.
"شحطوني شحط مع فاطمة ومعصّبات، إحنا مش مناح أبداً، انذبحنا، بهدلة وإهانة مش طبيعي، مجنّدات ثنتين جارّاتنا مع صياح ومسبات، إحكوا عنّا، مُتنا، من شهر 5 لا محامي ولا محكمة. على شو موجودين هون؟"، هكذا استقبلتني رهام.
حوامل ميكلات هوا، مريضات سرطان بدون علاج، بيجوا بنصّ الليل مع ضوّ وبهدلة، مش عارفات نتحرّك، ليش مرميّات وبدون زيارات محامين؟
بنات غرفة 6 معزولات من أسبوع بسبب كتابة ع الحيط من قبل.
بدنا نروّح، مشان الله!
حدّثتني عن الاعتقال، يوم 15.03.25، الساعة 3 الفجر، 20 سيّارة جيش، كتيبة مجنّدين، والله لو رفعوا تليفون بروح، أخذوني إلى أريئيل وليلة في الشارون مع إباء الأغبر وفضيلة. لحالي. بدّيش أواعي ترويحة، المهم نطلع.
الكل ببارك لأخوي محمد ع شان البنت، اسم لميس بجنّن، البنات بدهن الحلوان.
رهام بغرفة 3؛ برفقة المرضى والحوامل؛ رماء بلوي، زهراء كوازبة، تهاني أبو سمحان، وحنين جابر وفداء عساف، قايمة فيهن.
القمعات مستمرة، بفوتوا بنفّلوا الدنيا وبكبّوا الكيس بالغرفة، جمّعت حبّات زتون أسبّح فيهن – أخذوهن وزتّوهن. الوضع سيئ، الأكل سيئ، ملابس داخلية شحيحة.
أخذوا منّا 3 غرف (11،12،13) وحطّوا حاجز.
بالله عليك تخلّي أختي رناد تجهّز الدي. جي. لحفة استقبال إلي ولإمّي الحاجّة، وبدّي غنّاية (وِحنا كبار البلد-سامر الفلسطيني). أبوي شاطر بالغناني، كان معلم وتقاعد وبلعب شطرنج.
مبارح كنت (خوليا).
سلّم ع الجميع، وما ينسونا من دعواتهم.
سلّم على مديرنا أمجد أبو نبعة وكلّ طاقم الشركة وخاصة عزمي خلف.
بالله عليك تسلّم ع زوجتك سميرة باسمي وباسم كل صبايا الدامون.
"نفِسنا نلفّ بحيفا قبل الترويحة"

بعد لقائي برهام أطلّت الأسيرة فاطمة حسن سلمان الجسراوي (مواليد 01.11.1995)، محامية، السموع/ الخليل.
أوصلتها بداية سلامات والدها فبدأت بالنحيب "أكثر شي اشتقت لأبوي. لازم تحكي معو صوت وطمّنه عليّ"، خبّرتها حسّون صار يحكي "فطوم"!، علي أنهى امتحاناته ودعواتك إله بمعدل فوق 98 وعثمان أنهى امتحاناته ومروح ان شاء الله ب 29.07.
أكثر شي ضغطوا الكلبشات على إيديّ وإجريّ، بالقمعة الكبيرة قال مدير القسم للكلب: "هاي فاطمة، اهجم عليها"، إيدي انخلعت من شدّ الكلبشات، الدم نزل من الإيدين، إيدي نمّلت، طلبت مشدّ لإيدي ورفضوا، صار لي شهر بطلب عيادة أسنان وما طلّعوني.
بنادوني "الشيخة المتديّنة الكبيرة"، نقص يانس صلاة، فش حرامات، ما بعطونا ملابس داخليّة كفاية، ومحرومين من الساعة.
بلّشت أحفظ قرآن، بنقيم الليل 8 ركعات.
أخذوا منّا 3 غرف (11،12،13)، وغالبية الأكل.
حدّثتني عن الاعتقال، يوم 01.04.25، الساعة 11:30 نص ليل، يا ريت حبستي كذبة أول نيسان. المعسكر، الشارون، ومنها للدامون.
فاطمة بغرفة 7؛ برفقة دلال الحلبي وكرم موسى.
طلبت إيصال رسائل لينا مسك، لينا المحتسب، تهاني أبو سمحان، تسنيم عودة، أسيل حماد، إسلام (بدها صور أولادها على التليفون يوم المحكمة)، وسالي صدقة (قهوة بنات الدامون ع دار صدقة).
سلّم ع الكلّ؛ بدّي أول ما أطلع تحضّر لي أسماء كيكة الأناناس، وبستنّا بكاسة الشاي مع أبوي الساعة السادسة صباحاً، وحنين مع المكدوس، ودعواتهم.
خلّي محمد ييجي ع الاستقبال مع حسّون بإيد وفنجان قهوة بإيد، مع عيّوش (أكيد نايمة ع تختي، كل شي بالدار إلها، بدّي إياها أول المستقبلين) وإمي وأبوي.
حين افترقنا قالت "نفِسنا نلفّ بحيفا قبل الترويحة".
لكما عزيزتيَّ رهام وفاطمة أحلى التحيّات، والحريّة لكما ولجميع أسرى الحريّة.