الجمعة ٢٧ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم ‎⁨محمد طايل

كما تشتهي لوحة الغُبارِ ألْوانها

فِي الزِّقاقِ الذِي يَحْرُسُ اللَّيلُ أحْلامَهُ
حِينَمَا تَنْقُشُ العَتْمَةُ اسْمَ الظِّلالِ
عَلَى جَبْهَةِ الدَّارِ
يُولَدُ ضَوءٌ يُحبُّ العُيونَ
ويَحْبُو لِمرآتِهِ حَيثُ حضنُ الحياةْ

العجائِزُ يَسْتَزْرِعُونَ فُتاتًا مِنَ الخُبْزِ
فِي تُرْبَةِ البابِ
يؤْمِنَّ عَنْ أمَلٍ وَارِفٍ
أنْ أرْضًا طَهورًا سَتُنْجِبُ أرْغِفةً سَاخِناتٍ
لِأطْفالِهِنَّ
يَقُلْنَ: ولَنْ تتَذَوقْنَ لذَّتَهُ يا غُزاةْ
الشَّوارِعُ تَحْفَظُ أسماءَ مَنْ رَحَلُوا
والشُّجَيْرَاتُ تَحْفَظُ صَوتَ المُقِيلنَ فِي ظلِّها
والهواءُ بهذِي المدينَةِ يَعْرِفُ كَيفَ يمرّ خفيفًا
لَكِي لَا يَعيقَ عروجَ شَهيدٍ عَلَى شَمْعَةٍ الأمْنياتْ
أرْضُنا العتيقَةُ أقْدَمُ مِن فُوَّهاتِ البنادِقِ
أقْدَمُ مِنْ بَارِقٍ في السُّيوفِ
وأقْدَمُ من حَجَرٍ شَوَّهَتْهُ الدُّموعُ
السَّماواتُ تَعْرِفُ ذاكِرَة الخطواتِ
وإنَّ خُطىً لَم تُغنِّ معَ الشَّجِرِاتِ أغانِي الرِّياحِ سَتذْبُلُ
قِيل: سيقذفُها الدَّرْبُ عَنْ ظَهْرِهِ
قِيلَ سوفَ تَشيرُ بِمحْرَقةٍ عنْدَها اللّافِتَاتْ

للِحجارةِ ذاكِرةٌ يَا فَتىً
فانْتَشِلْها برفقٍ من الحافة الآنَ
وارمِ بِها الأنْجُمَ النَّاعِساتِ
لَكِيْ تُوقِظَ الغَيمَ مِنْ غفوةِ الرِّيحِ
ذاكِرةٌ للحجارة ذاكِرةٌ تَتشمّمُ راحةَ حامِلِها جَيدًا
انْتَشِلْها وكُنْ للحجَارِة ذِكْرَى الحياةْ
مَنْ يُصادِرُ صوتَ المؤذِّنِ حِينَ يُصلِّي الصدى
فِي مساجِدَ مِنْ صَرْخَةِ الأمّهاتْ

الزُّجاجُ المهشَّمُ يشْهَقُ ضَوءَ النَّهارِ
وكلُّ النَّوافِذ مكسورةُ النَّومِ
لكنِّها الآنَ تغدوُ عيونًا عَلى الحُلْمِ مُشْرَعةً
لَيسَ فِي مَشْهَدٍ وَاضحٍ غَبْشَةٌ
البنادِقُ نَرْفَعُها لَا لتجرِيبِ مصْرَخَةٍ
بَل لأنَّ السَّماءَ سَنَسْنِدُها
والحِّراكُ الثَّبَاتْ

للتُّرابِ هُوايَةُ عدِّ الخُطَى حِين تَمْضِي سِراعًا
أمامًا بِلا نَظْرةٍ للوراءِ لَنا
ولهُمْ للوراءِ بِلا نظرةٍ للأمامِ
مِقابِرُ قَدْ حفَرَتْها الجِهاتْ
ضَاعَ مِنكَ رفِقُكَ يا أيُّهذا الحذَاءُ الصَّغير!
ولمْ تَلْتَفِتْ
ناظرًا للأمَامِ
كأنَّ الطَّريق مغامَرةٌ ما انتهَتْ بعدُ
لَا تَلْتَفِتْ ولتُحدِّقْ بِضوءِ الرُّفاتْ
فِي الصَّباحِ سَتَسْتَيقِظُ الشَّمسُ مِنْ حُزْنِها
وتمرر أيديَهَا فَوقَ أنْقَاضِ هذِي الدِّيارِ
تَقولُ لَنا استيقظوا الحلم لَمْ ينتهِ استيقُظوا
إنْ هَوَى النَّجْمُ؛ يَهوِي عَلى غَيمةٍ
قِيلَ ما زالَ فِي الرِّيح صوتٌ بِلا أذنٍ تتهجَّاهُ
ما زالَ فِي أعْمَقِ الأرْضِ شِعرٌ بِلا وارِدٍ
فِي عيونِ الدِّيار وعودٌ تُضيءُ كسيفٍ ولا تنْطَفِيْ
لَا تَخافُوا!
المدى حافِظٌ وَجْهَ أسمائِنا
الأرضُ تحملُنا كالوصيَّةِ
كَيفَ سنسقُطُ والعُشْبُ ينبُضُ
والجرحُ مِلحٌ يقاوِمُ
والرُّوحُ بابٌ يُفتَّحُ نحوَ السَّماواتْ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى