الأحد ٥ تموز (يوليو) ٢٠٠٩
بقلم
الراعي
إليكَ...مثلاً أعلى
كتلة من ضياءٍتدلت من الأفق ذات مساءٍفمد لها الناسُ أرواحَهم ودنتْقشـَّرتْ نفسَهاأخرجتْ كلَّ أكمامهاارتجَّ في قلبها الحُبُ وانداحَوانهمرتْ خـَطَراتُ الغمامْ***كتلة من ضياءٍ هَمَتْ من حراءٍونادتْ وقد رَفَّ من تحتِها وهَجُ العـُشـْب:يا أهل هذي المراعي لقد جاء سيدُكم جاء مسكُ الخِتامْ***عُشبة من ضياءٍ تداعتْ جميعُ المراعي إليهافـَسَالتْ ببطحاءِ مكـَّةَ أوديةمن سلامٍ ونورٍ يغسل كعبتها من غبار الظلام***حين جاء...تداعتْ إليه البراعمُ والصخرُ والناسحنَّت جذوعُ النخيل إليه وقد هزها فتساقط منها الندىوارتوت مريمٌعَمَّدتْ طفلـَها ثم قالت: عليك السلام***عندما جاء...جاء الثغاءُ الذي في المراعييُلـَملِمُ أطرافـَهُ ويسير إليه مع العشبوالعشبُ يغسل أهدابه في يديهْوهو يدنو بآنيةَِ النور كي تتوضأَ كلُ الخلائقتنضحَ أرواحَها بالصلاة عليهْوالضياء الذي في قناني البكورِيمدُّ إليه يديهِ ليُطلعَه ثم يدفعه للشروقالشموسُ تصبُ الوضوءَ أشعتـُهاتتمسح ما بين أهدابه ثم تنهلُّ عن ثغره ألقاً مورقاً وابتسام***عندما جاء...جاء اليتامى بآبائهموالبناتُ الوئيداتُ قـُمْنَ إليه يُربـِّتُ أكتافـَهُنَّوينفضُ عن شعرهنَّ غبارَ الجهالاتِيا أيها اليتمُ كيف يصير اليتيمُ أباً لليتامىومأوى الوئيداتِكيف يصير حمىً لا يرام***ذات يوم وطه يسير إلى اللهحَطـُّوا له الشوكَطه يسير ولا يُبصرُ الشوكوالشوكُ يخرج أكمامَهُيتراقص في الدرب يمسح أقدام طهيضمُّ ويلثمها في هيام***عندما سار طه على الشوكصار الذي كان شوكاً ثـُمامصارت النار بردا،ً وصارت سلام***الجياعُ يمدون أمعاءَهملا أكـُفَّ لديهمونارُ الطواغيتِ مغروسة في العروقوطه بيمناه يحلب من شاتِهِثم يملأ أمعاءَهم لبنًا حكمةًويُسَوِّي الحِجارَ على بطنهِويشدُّ الحزام***الجياعُ هنا يأكلونوطه يجوعُ ليصنع من نار أحشائه للجياع الطعام***الدموعُ التي حاصرتها المحاجرُ جاءت تمرِّغُ ذراتـِها في يديهْالدماءُ تسافر من كل شبرٍ بأرض الحجاز إليهْالدماء تلاقي شرايينها عنده وتعبئها بالحياةالدماءُ تقبله وتصلي عليهْ***الرعاةُ يَحُطـُّون أعينـَهم والعِصيَّ على باب غار حراءْالرعاة يجيؤونهُ فيناولهم قهوة هبطت في فناجيلَ مصنوعةٍ من تراب السماءْالرعاة يسيرونموسى يقول امكثوا سوف أقبس من نورِهِوأحطُّ عصاي لديهْولا ذئب في الشعبكل الذئاب التي مزَّقت ثوبَ يوسف، قطَّع طه مخالبهاخاط أفواههاليس في الشعب غيرُ الحمام***عندما كان يوسفُ في الجُبِّكانت دواليهِ تنهلُّ ماءً ملائكةًونعاساً يهدهد أحلامَهُ الوالهاتومن كان في الغار ينهلُّ من قلبه ألقٌ حكمةٌونجومٌ تغلغل أبيضُها في مدى روحه اللازورديوالماءُ يأتيه من حوضِهِفي أباريقِ ضوءٍ يصبُّ على شفتيه رحيقَ الكلام***الكليم يجيئ إلى قلب طه مساءًليقرأ في لوحة القلب توراتـَهُويرى طيف أغنامه وعصاهْويلُمُّ بقية تابوته وصدىً من كلام الإلهْ.***المسيحُ توضأ من فيض طهتوكأ في بهو أشواقهِوتوارى عن الجند في روحِ طه الذي مدَّ فوق المسيح رِداهْات يومٍ أتاه الملائكُ كي يغسلوا قلبه فاستحموا بأشواقِهِكي يَشـُقـُّوا فؤادَ الصَّبيِّ فجاسوا خلال العروقوجاؤا الفؤادَوقد نُسجت من دمٍ أخضرٍ فيه سجادةٌ للصلاة***عندما طلبته السماءُ إليها أعَدَّتْ له مهرجاناً من النوركانت بناتُ السماء يـَقِفـْنَ على جنبات الدروبويَنـْثـُرْنَ من قِطـَع الفرح المتساقط بين يديهْالشوارع مرصوفةٌ بالمحبة، مغسولةٌ بالتسابيحتكنسها حُزَمُ الضوءأرصفة المدن الخالدات مشجرة بالأناشيد تنثرها الحوريات عليهْ***الملائك حَفـَّتْ بموكبهِبسطتْ ريشـَها في تـَحيَّةِ سيدها إذ يسيرُ إلى العرشوالحُورُ ينـُظـُرنَ من سُجُفِ الخـُلد يَحْدُجـْنـَهُ بابتساماتهن تـُعَرِّشُ من حولهِوالنبيون ساروا على وقع أقدامِهِوهو ملتفعٌ بجلالٍ من الصمتيملؤهُ العشقُ تـَحْدوهُ أشواقـُهُواللواءُ بيمناه منعقدٌ والزمام***ياإمام الرعاة أوانك آنَوهذي الذئابُ وقد مزَّقتْ روحَ يوسفقد راودتْ شهوةَ الجوعِ عن دمِهِوالعزيزُ يُغـَلـِّقُ أبوابَهُوالحِمى نـَفـَشـَتْ غنمُ القوم في حرثهِ والرعاةُ نيامْوالزمان تثاءبَيا من تدثـَّر في وَجْدِهِجاء وقتكَ...قم يا إمام...قم يا إمام
إليكَ...مثلاً أعلى