الأربعاء ٣١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٥

احتفاء باليوم العالمي للغة العربية

دار الشعر بمراكش تستضيف شعراء "سحر القوافي" و ورشة في "فن الحروفيات"

"في مديح لغة الضاد"

قرأ شعراء ديوان "سحر القوافي"، عزيزة لعميري وعبداللطيف خوسي وأدييمي حميد أديكنلي، الجمعة 26 دجنبر، قصائد في "مديح لغة الضاد" ضمن فعاليات ليلة جديدة، نظمتها دار الشعر بمراكش تتويجا لبرنامج شهر دجنبر احتفاء باليوم العالمي للغة العربية. الفعاليات التي افتتحت قبل أسبوعين، بفضاء كلية اللغة العربية بمراكش، من خلال إطلاق مبادرة ثقافية كبرى تمثلت في "ملتقى مراكش العربي للغة العربية" في دورته الأولى. وبين مديح اللغة والمكان "أرض الله" مراكش، أهدى خوسي وأدييمي ولعميري قصائدهم، حيث يلتقي بهاء الحرف وسحر الكلمة وألق النظم ورواد من مختلف الأعمار، جاؤوا لتقاسم محبة الضاد في دار ظلت تحتفي بسحر اللغة ومجازاتها.

افتتحت ديوان "سحر القوافي" الشاعرة والباحثة دة. عزيزة لعميري، القادمة من مدينة بني ملال، والتي استطاعت أن ترسخ حضورها ضمن فسيفساء المنجز الشعري المغربي السنوات الأخيرة، الشاعرة والباحثة التي أثرت تجربة القصيدة العمودية الجديدة في المغرب من خلال أطروحتها الجامعية، وفتحت لها آفاقا أمام الخطاب النقدي الحديث. وعن سحر اللغة والوطن وبلاغتها قرأت الشاعرة لعميري بعضا من نصوصها، ومما قالته: "دقوا طبول المنى صوغوا الندى حللا/ يا أيها الناس ذوقوا الماء ما اشتعلا// صبوا كؤوس الكلام المشتهى فرحا/ إن المساء هنا بالشعر قد حبلا// صبوا وداووا سقيما عاش مكتئبا/ لما بما دون ماء الضاد قد ثملا // إن الحياة ومعناها لمن شغفا / أذاب في الشعر معنى الروح وابتهلا // الشعر بعض طريق الله دام لمن/ مشى غريبا على الأشواك واحتملا".

ومن قصيدتها "شموسا على الدنيا يطل المغاربة" نقرأ: "إذا ما السواد اشتد في الأرض أينعوا// بياضا كزهر اللوز يدني أطايبه/ ساروا بالقرى نارا على هام عزهم // كراما وللأحباب شادوا مضاربه/ جفان الندى في الجدب تعلوا الجفان أن// يفك عصاب البطن من كان عاصبه/ تراب الروابي داب في الكأس سكرا// أسكر الغريب من حلا الكأس غالبه/ هوى شايهم حلوا عمائم نخوة/ أقامت على بوابة العز صاحبه// وفي الكأس بلق الخيل حين الأصيل لم// تزل في هوى الصحراء والرحل هاربه".

الشاعر النيجيري أدييمي حميد أديكنلي، والذي توجته هذه السنة دار الشعر بمراكش بجائزة "أحسن قصيدة" للشعراء الشباب، ضمن فعاليات حفل افتتاح استثنائي للدار ومهرجانها للشعر المغربي في دورته السابعة (أكتوبر2025)، نوه بالمجهود الخلاق الذي تقوم به دار الشعر بمراكش، وعلى امتداد برنامجها الثقافي والشعري الغني، خدمة للغة العربية وبلاغتها، قرأ من معين بلاغة المكان مراكش وفي محبة اللغة العربية: "لأنّها في انتهاء الدّقةِ انبثقت/ لم يقدر الكونُ شرْحًا حيثُ مُجْمَلُها// حتّى أنا لم أجدْ للآن فلسَفَتِي الأولى/ وفوق دمي يجري تأمُّلُها//...// يا ضادُ!/ يا لغةً عنها يقول فمٌ:/ تلك اللغات وهذي الآن أفضلها// شهيّةً حدّ أن لو كانت امرأةً/ لدفّقوا ماء قولٍ: أين منزِلُها// مليئةً بالمزايا لم يطق أحدٌ/ أن يبرز الآن تعدادا يُفصّلها// ...// عشيقة الشعر مُذْ "هل غادر الشعرا"/ لم يفتإ القلب توّاقًا يُفضّلُها// إن العروبة مذ ربيتِها بفمي / غدت بنات القوافي ما يقبّلها// ... // خُذِي من الشِّعرِ ما يكفيكِ تكرمةً/ يا ربّةَ السحرِ، والإبداعُ مِكْحَلُها// والشِّعرُ شمعةُ أجْدادي أضيء بها / و كنتِ -يا ضادُ- زندًا حينَ أُشْعِلُها.

"مَرّاكُشُ الشمسُ!": "سيسألونَكَ عنّي/ قل: قضى...فمضى/ ليزرعَ الحرفَ حيثُ المشتهى رَبَضا// ...// (….مَـــــــرّاكُــــــــــــشًا…!) / كـــلّــــما/ نــــــادت/ بنصفِ فمٍ/ أجاب ملءَ فمٍ التاريخُ منتهضا// ...// كلُّ المدائنِ في مبْناكِ خادمةٌ/ فأيُّها الآن تستقصي لِتعترِضا؟// في أيّ شيءٍ تَسَنّاها منافسةٌ؟/ ولمْ تزلْ -حيثُ كنتِ الْجوهرَ- العَرَضا// لِتُخْبِرُوا أنْجُمَ الآفاقِ أجْمَعَها:/ "مَ رَّا كُ شُ" / الشّمسُ/ لن/ تخبو/ فتَنْقَبِضا// أنْشأتِ مَدْرَسَةَ التّطويرِ سَيّدَةً/ منها تخرجّ "غَرْبٌ" لم تَحُزْ غَضَضَا// سيشْكرونَكِ/ مُمْتَنِّينَ مِنْكِ غَدًا/ ويجعلون/ هواكِ المحْضَ مُفْتَرَض// ...// لعـــــــلّ / أصــــدقَ/ ما قالــته / والــدتي:/ قد تصبحُ/ الشمس / كالبـــرق/ الــــذي/ وَمَــضــا/ مرّاكُشيٌّ أنا/ والشعر تذكرتي لرحلتي / عبرَ معناي الذي مَحَضا// فلتقبليني قبولا راضيا حسنا / كما (تقبّلها…) والقلب محضُ رِضى// ولتجعلينيَ مرفرعَ المحلِّ / لأنّني أنا (الفعل) / كُنهي لا لِيَنْخَفِضا.

واختتم الشاعر عبداللطيف خوسي، والذي يجمع بين محبتي القصيدة العمودية وشعر الملحون، بجديد قصائده إهداء للغة الضاد في يومها العالمي، الشاعر المراكشي والذي يحرص على صوته النابض بالقضايا الإنسانية، حرص على تقاسم بعضا من إبداعه الشعري حيث توحدت محبة اللغة بمحبة "أرض الله" مراكش: من قصيدة "لسان الحياةِ": "سألتني.. كيف اعترَتك سِماتي/ فالنوادي تعجُّ بالفاتناتِ؟ // قلت شيء من اليقين أتاني/ فرأيتُ الذي رأت أبياتي// ليسَ شِعري بِجانِحٍ عن شُعورِي/ هل ستُجزي طهارةٌ عن صلاةِ!؟// إنما علةُ المحبة كشفٌ/ ليس في الناس من يعي كيفَ يَاتِي!! // كلما عَفَّتِ الحروفُ وكَفَّتْ/ والقوافي تَأَفَّفَتْ مِن دَوَاتِي// كوليدٍ أُهَدهِدُ القَولَ حتى/ يَستوِي نبضُهُ على كلماتِي.

ومن قصيدة "صاحبة الجلالة": "لا يَفتَحُ الأُفُقَ المرصودَ سيدَتي/ سِوى اختراقِكِ وجهَ المَحلِ فَاخْتَرِقِي// رشفتُ من ريقِكِ المعنَى فَأسْكَرَنِي/ أنا الذي لم أشمِّ الخمرَ أو أذُقِ// لكِ السرُّ معقودًا بِكَرمَتِهِ/ وَكلُّ مَنْ عُلِّمَ السرَّ الخفيَّ رَقِي// عَسَى أُلقَّنُ منكِ الكَشفَ سيدتي/ بِحقِّ إقرأْ وما في سُورَةِ العَلَقِ". واختتم الشاعر ب"احتضانٌ أحمرُ"، قائلا: "خَفِّفْ خُطاكَ على ثَراهَا وَٱتَمِسْ/ عُذْرًا لِمَنْ بِثَرائِهَا لم يَشْعُرُوا// عَرِّجْ على باب الكَرامَة واتَّبِعْ/ أثرَ المَحبَّة ثَمَّ سِرٌّ مُضمَرُ// يَسمُو به أَعلامُهُ ورِجالُهُ/ وَيُرِيكَ مِنْ زَهرائِهِ ما يُبهِـرُ// مِن أَلفِ عامٍ والمَحَبَّةُ تنجلي/ أنوارُها في السالكينَ وَتُزهِرُ// نُورًا هو الحبلُ الذي اعتصَمَتْ به/ أنفاسُ أهلِ اللهِ حين ٱستَبصَرُوا// أيقنتُ أن الحبَّ بابُ سَكِينَتِي/ فَدلفتُ لا آسَى ولا أَتَحسَّرُ/ / يا بَهجَةَ القلبِ ٱشفعِي لقصيدتِي/ فالبوحُ نَهْرٌ والمشاعِرُ أبحُرُ..".

"جماليات وسحر الحروفيات"

وافتتح الفنان والحروفي لحسن الفرساوي فعاليات اليوم، بتأطيره ورشة "فن الخط العربي" لمرتفقي ومرتفقات ورشات الكتابة الشعرية، الفوج التاسع، ورشة "ماستر كلاس"، خصصها لتقديم درس نظري مفصل حول مدارس واتجاهات الخط العربي وجمالياته، عبر تقديم درس نظري وتطبيقي من خلال شرح تفصيلي لجماليات سحر الحرف. الفنان فرساوي، والمتوج ب"جائزة محمد السادس لفن الحروفية التكريمية" (2023)، وهو من مواليد 1968 نظم وشارك في العديد من المعارض الفنية كما أسهم في تشكيل جداريات على جدران مؤسسات وطنية، الى جانب انخراطه العميق في حوارية الشعر والفن والخط، من خلال تجربته الرائدة في هذا الباب.

وحرص الفنان لحسن فرساوي على التعريف بالمدارس المغربية، من خلال إفراد جرد تفصيلي لبعض التجارب، ليختتم برؤية الخاصة واشتغاله على الشعر والذي ظل ديدن ممارسته الفنية، بل وشكل أفقه الجمالي من خلال تجارب عدة سواء مع شعراء مغاربة أو من مختلف بقاع العالم. وقد صدر للفرساوي العديد من الأعمال الشعرية الفنية، ضمن إصدارات صاحبت القصيدة لوحاته عبر تقنيات الكاليغراف. الورشة التي احتضنها فضاء الدار بالمركز الثقافي الداوديات، سعى من خلالها الفنان فرساوي الى التعريف بجماليات الخط، وبفن الحروفيات، عبر تطبيقات عملية ومن خلال شروح وتفاصيل دقيقة تميز غنى تجربة هذا الفنان المراكشي الأصيل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى