الأحد ٢٥ أيار (مايو) ٢٠٢٥
بقلم أسد تركي الخضر

أوْسِمَةُ الضّوء

 شَاؤوا منَ العُمْرِ معنىً لمْ يكنْ سَهْوا
لمّا أضاؤوهُ واختاروا العُلا نَحْوا

 جَاؤوا منَ المِحَنِ الحَمْراءِ وانبَثَقوا
منْ سُكْرِها فِكرةً .. إشراقةً.. صَحْوا

 في حَمْأةِ الليلِ هَاهُمْ أنْجُماً لَمَعوا
ومنْ ترابٍ مُدمّى أيْنَعوا سَرْوا

 الواثقونَ بما أمْلتْ مَصائرهمْ
والمؤمنونَ بما في العُمْرِ منْ فَحْوى

 القابضونَ منَ الدّنيا على لَهَبٍ
والنازفونَ ضياءً لمْ يَفضْ سَهْوا

 أمْلوا على الأرضِ منْ أقدارهمْ عُمُراً
فكانَ للعُمْرِ منْ أقدارهمْ جَدْوى

 هَلّوا منَ الغيبِ بَرقاً شَفَّ عنْ مَطَرٍ
فَهذهِ الأرضِ منْ أرواحِهمْ تُروى

 وأتْقنوا فكرةَ الأشجارِ وابتَكَروا
منَ السّماءِ بلاداً ترتدي الزّهْوا

 وأوّلوا حِكمةَ الأنهارِ واقتَرَحوا
على الينابيعِ مَجْرىً لمْ يكنْ لَهْوا

 اعْشَوشَبوا ملءَ ما في الأرضِ منْ دمهمْ
واخْضَوضَروا حَدَّ ما حازوا منَ التّقوى

 هُمُ المُريقونَ منْ أعمارهمْ مَدَدَاً
إذ عَلّموا الطينَ أنْ يَسْتَسْقَيَ الصّفوا

 قد راوَدوا الموتَ واشتَقّوا لهُ سَبَباً
لأنّهمْ وحدهمْ كانوا لهُ صِنْوا

 ماضونَ لمْ يَألفوا إلا الذّرى وطناً
حُرّاً ، ولمْ يَأنسوا إلا السّنا مأوى

 آلُ الميادينِ هُمْ إذ في أصابعِهمْ
للبندقيّاتِ شَرحٌ لمْ يَقلْ لَغوا

 ملء الخنادقِ منْ هَيْبَاتِهمْ شَرَفٌ
بقَدرِ ما كَابَدوا صَبْراً على البلوى

 يَسْتَعذبونَ المنايا بابتسامتِهمْ
فَثَمَّ للمَوتِ طَعْم المنِّ والسّلوى

 يُلوّنونَ بلاداً منْ مَلامحِهمْ
ويَرسمونَ لها منْ شَمسِهمْ جَوّا

 كانوا إذا وطنٌ ناداهُمُ انحَدَروا
وسَابقوا الرّيحَ عُمقاً.. فِكرةً.. عَدْوا

 وكُلّما خَطَّ ليلٌ سِفْرَ باطلِهِ
جَاؤوهُ بالحقِّ ضوءاً يُمعنُ المَحْوا

 لو عَينُ تَنّورهمْ فارتْ بعاصفةٍ
فأمرُهمْ بالغٌ منْ أمرها شَأوا

 هُمْ أفرَدوا لليقينِ المَحْضِ أجنحةً
وأشرَعوا للمدى منْ فَجْرهمْ بَهْوا

 هُمْ يُزهرونَ بآناءِ الدّجى سُرُجاً
ليُنجبوا كُلّ فَجْرٍ غايةً قُصْوى

 لا يشبهونَ سوى أوطانهمْ قَدَراً
أو يَقْتَفونَ سوى أقدارهمْ خَطْوا

 أولاءِ منْ بَذَروا أرواحَهمْ حَبَقاً
وأَلبَسوا الكونَ منْ أسمائِهمْ ضَحْوا

 كمْ منْ دَمٍ باهرٍ أدّوا قداسَتَهُ
إلى البلادِ لكي ترضى بهِ كُفوا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى