

أوْسِمَةُ الضّوء
– شَاؤوا منَ العُمْرِ معنىً لمْ يكنْ سَهْوا
لمّا أضاؤوهُ واختاروا العُلا نَحْوا
– جَاؤوا منَ المِحَنِ الحَمْراءِ وانبَثَقوا
منْ سُكْرِها فِكرةً .. إشراقةً.. صَحْوا
– في حَمْأةِ الليلِ هَاهُمْ أنْجُماً لَمَعوا
ومنْ ترابٍ مُدمّى أيْنَعوا سَرْوا
– الواثقونَ بما أمْلتْ مَصائرهمْ
والمؤمنونَ بما في العُمْرِ منْ فَحْوى
– القابضونَ منَ الدّنيا على لَهَبٍ
والنازفونَ ضياءً لمْ يَفضْ سَهْوا
– أمْلوا على الأرضِ منْ أقدارهمْ عُمُراً
فكانَ للعُمْرِ منْ أقدارهمْ جَدْوى
– هَلّوا منَ الغيبِ بَرقاً شَفَّ عنْ مَطَرٍ
فَهذهِ الأرضِ منْ أرواحِهمْ تُروى
– وأتْقنوا فكرةَ الأشجارِ وابتَكَروا
منَ السّماءِ بلاداً ترتدي الزّهْوا
– وأوّلوا حِكمةَ الأنهارِ واقتَرَحوا
على الينابيعِ مَجْرىً لمْ يكنْ لَهْوا
– اعْشَوشَبوا ملءَ ما في الأرضِ منْ دمهمْ
واخْضَوضَروا حَدَّ ما حازوا منَ التّقوى
– هُمُ المُريقونَ منْ أعمارهمْ مَدَدَاً
إذ عَلّموا الطينَ أنْ يَسْتَسْقَيَ الصّفوا
– قد راوَدوا الموتَ واشتَقّوا لهُ سَبَباً
لأنّهمْ وحدهمْ كانوا لهُ صِنْوا
– ماضونَ لمْ يَألفوا إلا الذّرى وطناً
حُرّاً ، ولمْ يَأنسوا إلا السّنا مأوى
– آلُ الميادينِ هُمْ إذ في أصابعِهمْ
للبندقيّاتِ شَرحٌ لمْ يَقلْ لَغوا
– ملء الخنادقِ منْ هَيْبَاتِهمْ شَرَفٌ
بقَدرِ ما كَابَدوا صَبْراً على البلوى
– يَسْتَعذبونَ المنايا بابتسامتِهمْ
فَثَمَّ للمَوتِ طَعْم المنِّ والسّلوى
– يُلوّنونَ بلاداً منْ مَلامحِهمْ
ويَرسمونَ لها منْ شَمسِهمْ جَوّا
– كانوا إذا وطنٌ ناداهُمُ انحَدَروا
وسَابقوا الرّيحَ عُمقاً.. فِكرةً.. عَدْوا
– وكُلّما خَطَّ ليلٌ سِفْرَ باطلِهِ
جَاؤوهُ بالحقِّ ضوءاً يُمعنُ المَحْوا
– لو عَينُ تَنّورهمْ فارتْ بعاصفةٍ
فأمرُهمْ بالغٌ منْ أمرها شَأوا
– هُمْ أفرَدوا لليقينِ المَحْضِ أجنحةً
وأشرَعوا للمدى منْ فَجْرهمْ بَهْوا
– هُمْ يُزهرونَ بآناءِ الدّجى سُرُجاً
ليُنجبوا كُلّ فَجْرٍ غايةً قُصْوى
– لا يشبهونَ سوى أوطانهمْ قَدَراً
أو يَقْتَفونَ سوى أقدارهمْ خَطْوا
– أولاءِ منْ بَذَروا أرواحَهمْ حَبَقاً
وأَلبَسوا الكونَ منْ أسمائِهمْ ضَحْوا
– كمْ منْ دَمٍ باهرٍ أدّوا قداسَتَهُ
إلى البلادِ لكي ترضى بهِ كُفوا