في حرم الأحزان
| يَبْكِي التُّرَابُ عَلَى أَرْضِي وَيَنْتَحِبُ | |
| وَالنُّوْرُ يَرْثِي الهَوَى، وَالشَّمْسُ تَكْتَئِبُ | |
| مِنْ دَمْعِنَا قَدْ سَقَا اللهُ الرُّبَا زَمَنَاً | |
| مَا زَالَ يَسْقِي رُبَانَا لَيْسَ يَحْتَجِبُ | |
| لَيْسَ البُكَاءُ عَلَى أَرْضٍ مُحَطَّمَةٍ | |
| لَيْسَ البُكَاءُ عَلَى أَهْلٍ بِهِمْ عَطَبُ | |
| فَالأَرْضُ غَابَتْ بَعِيْدَاً بَعْدَمَا غَضِبَتْ | |
| وَالأَهْلُ نَاسٌ تَغِيْبُ الشَّمْسُ لَوْ غَضِبُوا | |
| ذَاكَ البُكَاءُ بِهِ الدُّنْيَا مُجَمَّعَةٌ | |
| لَمْ تَحْتَكِرْهُ رُبَاً سُكَّانُهَا العَرَبُ | |
| بَلْ حُزْنُنَا حُزْنُ إِنْسَانِيَّةٍ سَقَطَتْ | |
| فَوْقَ البَنَادِقِ وَالأَوْطَانُ تُغْتَصَبُ | |
| حُزْنٌ عَتِيْقٌ بِهِ أَطْفَالُنَا كَبُرُوا | |
| مُذْ أَصْبَحُوا يَلْعَبُوْنَ المَوْتَ إِنْ لَعِبُوا | |
| حُزْنٌ سَيَأْكُلُ أَجْسَادَاً وَأَفْئِدَةً | |
| حُزْنٌ سَيَجْمَعُ مَصْلُوْبَاً بِمَنْ صَلَبُوا | |
| حُزْنٌ شَرِيْدٌ بِهِ الأَوْطَانُ دَائِرَةٌ | |
| إِنْ يَهْتَدِي نَحْوَهُ الإِنْسَانُ يَغْتَرِبُ! | |
| حُزْنِي أَنَا حُزْنُ أَطْفَالٍ قَدِ احْتَمَلُوا | |
| أَهْوَالَ حَرْبٍ، وَمِنْ سُمِّ الوَغَى شَرِبُوا | |
| لَمْ يَعْرِفُوا دُمْيَةً لِلُّعْبِ أَوْ كُرَةً | |
| لَمْ يَسْمَعُوا قِصَّةً عَنْ فَرْحَةٍ تَثِبُ | |
| أَلْعَابُهُمْ حُطِّمَتْ، أَحْلامُهُمْ وُئِدَتْ | |
| بَلْ إِنَّ مُسْتَقْبَلَ الأَطْفَالِ مُلْتَهِبُ | |
| يَخْشَوْنَ مَدْرَسَةً فِيْهَا مَسَرَّتُهُمْ | |
| إِنْ أَوْصَدَتْ بَابَهَا قَدْ يُشْعَلُ الغَضَبُ | |
| تِلْكَ المَدَارِسُ قَدْ سِيْقَتْ إِلى شَجَنٍ | |
| فَالمَوْتُ فِيْهَا عَلَى الأَطْفَالِ مُنْتَدَبُ | |
| وَالفَقْرُ وَالجُوْعُ وَالتَّشْرِيْدُ حَفَّ بِهِمْ | |
| وَالمِدْفَعُ الأَسْوَدُ الوَحْشِيُّ يُحْتَسَبُ | |
| وَالبَرْدُ في بَعْضِ أَوْطَانِي تَصَيَّدَهُمْ | |
| وَالحَرُّ يَقْتُلُ في أُخْرَى إِذَا هَرَبُوا! | |
| إِنَّ الطُّفُوْلَةَ مَاتَتْ، قَبْرُهَا صُحُفٌ | |
| يَحْكِي رِوَايَتَهَا التِّلْفَازُ وَالأَدَبُ! | |
| قصَّتْ لَنَا الأَرْضُ عَنْ ظُلْمٍ يُرَاوِدُهَا | |
| عَنْ مَذْبَحٍ للوَرَى فِيْهَا بِهِ العَجَبُ | |
| عَنْ مَنْزِلٍ رَامَهُ الأَيْتَامُ فَاقْتَتَلُوا | |
| بَاعُوا أُخُوَّتَهُمْ كَي يَكْثُرَ الذَّهَبُ | |
| وَالأَرْضُ تَحْكِي لَنَا عَنْ حَاكِمٍ رُبِطَتْ | |
| بِالمَالِ أَفْعَالُهُ السَّوْدَاءُ وَالسَّبَبُ | |
| يَرْوِي مَطَامِعَهُ الدُّنْيَا بِلا خَجَلٍ | |
| مِنْ حِنْطَةٍ دُوْنَهَا الفَلاَّحُ يَنْتَحِبُ | |
| يَجْنِي مِنَ النَّاسِ أَمْوَالاً وَعَجْرَفَةً | |
| وَالنَّاسُ لا يَجِدُوْنَ الحَبَّ إِنْ كَسِبُوا | |
| لا بَيْتَ يُؤْوِي شَتَاتَ النَّاسِ إِنْ نَزَحُوا | |
| وَالنَّازِحُوْنُ هُمُ النَّاسُ الأُلَى كُتِبُوا | |
| ذَا حَالُنَا، فَقْرُنَا هَزَّ البِلادَ بِنَا | |
| فَكَيْفَ نَحْيَا عَلَى أَرْضٍ وَنُحْتَسَبُ؟ | |
| هَذِي الحَيَاةُ تُبَارِي المَوْتَ إِنْ سَخِطَتْ | |
| تُهْدِي المَنِيَّةَ أَرْوَاحَاً وَتَنْتَخِبُ | |
| تُهْدِي إِلَيْنَا مَرَارَاتٍ بِلا سَبَبٍ | |
| تُهْدِي الطُّفُوْلَةَ حُزْنَاً مِثْلَهُ السُّحُبُ | |
| فَالفَقْرُ وَالظُّلْمُ أَثْقَالٌ نُحَمَّلُهَا | |
| وَالحَرْبُ تَطْحَنُ وَالآثَامُ قَدْ تَجِبُ | |
| مَاذَا نَقُوْلُ لأَجْيَالٍ إِذَا قَدُمَتْ | |
| – تَرْنُو إِلى عِيْشَةٍ – مُوتُوا أوِ احْتَجِبُوا؟ | |
| مَاذَا أَقُوْلُ لأَوْلادِي إِذَا كَبُرُوا؟ | |
| هَلْ يَنْفَعُ السَّتْرُ وَالإِخْفَاءُ وَالكَذِبُ؟ | |
| لا لَنْ أَقُوْلَ، فَإِنَّ القَوْلَ مُخْتَزَلٌ | |
| وَالصَّمْتُ في حَرَمِ الأَحْزَانِ هُوْ طَرَبُ | |
| أَحْزَانُنَا مِنْ فُؤَادٍ وَاحِدٍ نَبُعَتْ | |
| وَالحُزْنُ يَكْبَرُ في أَرْوَاحِ مَنْ نَدَبُوا | |
| اِنْسُوا البُكَاءَ، وَهَيَّا نَحْتَفِلْ أَبَدَاً | |
| حَتَّى يُعَادَ إِلى الأَوْطَانِ مُغْتَرِبُ | |
| حَتَّى نُعِيْدَ النَّهَارَ المُخْتَفِي زَمَنَاً | |
| حَتَّى نَعُوْدَ مِنَ الأَنْوَارِ نَقْتَرِبُ | |
| فَالقَلْبُ يَفْنَى إِذَا أَمْسَى بِلا فَرَحٍ | |
| وَالعُمْرُ مَاضٍ لِمَنْ عَادُوا وَمَنْ عَتَبُوا |
مرَّت على (أمير الشعراء)!
