

حوار مع الشّاعر المصريّ إبراهيم محمد بديوي

* موجز السّيرة الذّاتيّة للضّيف:
مواليد القاهرة 1968
أعمل فني كهرباء عمل حر
معلم سابق لأحكام التجويد وتحفيظ القرآن
لديَّ ديوان بعنوان (ثورة قلب)
صدر عام 2021
وهناك ديوان (بوح القصيد) في انتظار الطبع
ولي مشاركة في موسوعة شعراء مصر للشعر الفصيح من 1953 إلى 2023 للكاتبة والمؤرخة المغربية فاطمة بوهراكة.
* نصّ الحوار:
- حدّثنا عن عملك كمعلّم لأحكام التّجويد، وما هي الصّعوبات الّتي كانت تواجهك، ولمَ انقطعت عن العمل؟
الحمد لله؛ كانت هذه أكبر نعمة ومنحة من الله؛ أن منَّ عليَّ بتعلم أحكام التجويد، والفضل لله؛ ثم لمشايخ القراء الذين تعلمت على أيديهم، ولما أشادوا بتمكني وإتقاني؛ قمت بعمل مقرأة تعليم وتحفيظ القرآن الكريم في المسجد، وكانت مرتين في الأسبوع، وكانت مجانية دون مقابل؛ حتى جائني عرض بأن أكون معلما للقرآن والتجويد في إحدى المدارس الخاصة؛ لكنني لم أقبل وقتها بسبب ضعف الراتب الشهري، ولم أستطع الاستمرار في مقرأتي رغم أنها استمرت زمنا طويلا ؛ لكن الظروف المعيشية، والسعي على الرزق والانشغال بمسؤولية الأسرة والأولاد؛ كانت سببا لانقطاعي عن مقرأتي.
- كيف وجدتَ تعلُّمَ علم العروض، وما سبب تخوّفك منه سابقًا، وما هو أوّل بحر نظمتَ عليه؟
– علم العروض صعوبته في كثرة مصطلحاته وتعريفاته؛ فلذلك من يبدأ في تعلمه من أول وهلة سيصاب بالرهبة، ثم الملل، وهذا ما حدث لي؛ حيث أصابني اليأس والملل، لكن عشقي للشعر كان دافعا كي أصبر وأتعلم، وقبل كل شيء كان توفيق الله وعونه؛ كذلك علم العروض صعب على الشخص الذي لا يملك من اللغة الفصحى شيئا؛ أما الذي سهَّل عليَّ تعلم العروض هو (العروض المُغنَّى) بدأت بالبحر الكامل؛ بعدما حفظت بعض المصطلحات الأساسية، ثم بدأت بسماع العروض بطريقة الغناء، حتى بدأت أكتب على أول بحر تعلمته.
- هل ترى أنّ إذاعة القصائد عبر برامج إذاعيّة تسهم في انتشار الشّاعر، ما أشهر القصائد الّتي أذيعت لك، وفي أيّة إذاعة؟
– بالتأكيد هى تسهم في ظهور الشاعر؛ كذلك هى توثق شعره واسمه في سجل التاريخ الإذاعي؛ خاصة إذا كانت إذاعات رسمية، وأنا أُذيعت لي بعض القصائد في البرنامج العام في الإذاعة المصرية؛ أذكر منها قصيدة ( نفحات نبوية) وهى على البحر البسيط؛ كذلك قصيدة (شهر الفضائل) وهى على مجزوء البحر الكامل في فضل شهر رمضان؛ كذلك أسجل من حين لآخر في إذاعة القاهرة الكبرى، وأيضا في إذاعة وادي النيل من القاهرة والخرطوم.

- حدّثنا عن قصائدك الأولى، هل كنت تستشير أحدًا، ومن شجّعك على إصدار ديوانك الأوّل (ثورة قلب)؟
– كل عمل في بدايته يكون وليدا صغيرا ضعيفا يحبو، ومع الأيام يكبر ويشتد عوده، ويصير قويا متينا؛ كذلك أنا بدأت؛ فكانت البدايات قصائد مكسورة؛ حيث لم أكن أعرف الأوزان العروضية؛ فكانت كلمات نابعة من الوجدان؛ لكنها تفتقد إلى أصول الصنعة والحرفة، لكنني بدأت في مرحلة جديدة؛ حين تعلمت العروض، وشرعت أقرأ في البلاغة وفنونها؛ فكم من حديث؛ شعرا كان أو نثرا لكنه كلام غير بليغ؛ بمعنى أن يسمعه السامع فلا يدرك معناه ومنتهاه، ولا يدرك ما المقصود منه؛ فهذا الكلام أيا كان فهو غير بليغ؛ حيث افتقد إيصال المعنى والقصد الذي كُتب من أجله؛ فلذلك تعلمت حين أكتب فلا بد أن أوصل قصدي ومرادي من كلامي إلى قلب وعقل المستمع، وأبتعد عن الغموض والرمزيات؛ فنحن في زمن إيقاعه سريع، واللسان الفصيح يكاد يكون منعدما بين الناس؛ إلا في المحافل الأدبية؛ فينبغي على الأديب أو الشاعر أن يخاطب الجمهور بأبسط الكلمات والمعاني؛ حتى يلفت إليه الأسماع والأنظار، ومن قصائدي التي كانت في البدايات، وأعتز بها قصيدة ( حديث مع النفس) وهى على البحر الرمل؛ أتحدث فيها عن سنوات العمر، وكيف انقضت، وعن أحلام الشباب، وكيف انتهت، أيضا قصيدة (إبليس وآدم) وهى على البحر الكامل؛ حيث أخاطب فيها إبليس متحديا وسواسه، وتلوُّنه، وكيف أنني هبطت من الجنة إلى أرض مواتٍ فأعمرتها؛ أما أبليس فيكاد يأكل نفسه حقدا على آدم وذريته، وبغضا لهم.
- لديك حضور أدبيّ في (صالون حكاوي، ونادي بيت ثقافة القلج، وصالون نسرين العشري) إلى أيّ مدى تسهم الصّالونات الأدبيّة في التّعريف بالشّاعر، ما إيجابيّاتها، وما سلبيّاتها؟
نعم؛ كذل هناك جمعية واحة أمير الشعراء للشعراء المحافظين تأسست منذ بضع سنوات علي يد الأستاذ خالد سعد فيصل، والهدف منها هو الحفاظ على الشعر العمودي؛ الذي هو أصل الفنون الأدبية، والحفاظ على اللغة العربية؛ وقد حازت الجمعية إعجاب كبار الأساتذة والأدباء، وضمت كبار أساتذة كليات اللغة العربية في شتى الجامعات المصرية، ولله الحمد والمنة أنني كنت عضوا مؤسسا؛ أما عن الصالونات الأدبية؛ فلها وعليها؛ فهى تعمل على التعريف بالشاعر في الوسط الأدبي، وتعمل على إثراء الحراك الثقافي؛ خاصة حين يكون فيها مناقشات لدواوين الشعراء والتفاعل بين الشاعر والناقد، فهى تجمع جناحي الثقافة؛ جناح الأدباء من الشعراء والكُتاب والرواءيين، وجناح النقاد؛ حيث يكون نتاج الأدباء على مائدة النقد؛ يغصون فيه؛ فيظهرون ما به من جوهر، وما فيه من علل واختلال؛ أما من أشد عيوب الصالونات والوسط الأدبي عموما للأسف هى آفة المحسوبية؛ فالوسط الأدبي أصبح عبارة عن شلل (مجموعات) وكل مجموعة تحابي أعضائها، وتهمل غيرهم.
- هل لُحّنت لك قصائد، وما رأيك بترجمة الشّعر؟
عرضت على بعض الزملاء الملحنين، لكن لاحظت أنهم يتحاشون تلحين القصائد الفصحى؛ لماذا لا أدري؛ أما عن ترجمة الشعر؛ فالترجمة لا تنقل الأحاسيس والمشاعر التي تفيض بها الكلمات؛ لكنها تنقل بعض المعنى، أو الفكرة التي تدور حولها القصيدة؛ لكنها مهمة للشاعر؛ إذ تنقله من حيز ضيق في موطنه إلى حيز أوسع ، وتمنحه فرصة الظهور والعالمية.
- هل تنوي الكتابة في أجناس أدبيّة أخرى، أم ستكتفي بالشّعر؟
حاولت كتابة القصة القصيرة؛ لكن لم أستمر؛ رغم أنني أحب قراءة القصص القصيرة؛ فهى تحكي مشهدا وموقفا يُحفر في الذاكرة حفرا في أسطر قليلة.
- نحن مقبلون على قدوم شهر رمضان المبارك، هل من قصيدة كتبتها عن هذا الشّهر؟
كما قلت آنفا قصيدتي شهر الفضائل
وهى مسجلة في برنامج (قطرات الندى) للإذاعية الفاصلة (جيهان الريدي) وهذا نصها
شهر الفضائل
ها قد أتاكم شهرُكُم
يا أمَّةَ القرآنِ
بالخيرِ جاءَ مبشراً
بالعفوِ والغفرانِ
بسحائبِ البركاتِ قد
نزلت من المنَّانِ
وبليلةِ القدرِ الَّتي
ضاءت دُجَى الأزمانِ
فيها رجاءُ قلوبِنا
معراجُ كلِّ بيانِ
عجزَ الكلامُ إبانةً
بل كَلَّ كُلُّ لسانِ
مُتضرعين بضعفِنا
للواحدِ الدِّيانِ
وتزيَّنت أرواحُنا
بجواهرِ الإيمانِ
عزمٌ وصبرٌ إذ هما
كدعائمِ البُنيانِ
فالصَّومُ زادُ قلوبِنا
ومطهِّرُ الأدرانِ
غيثٌ أتى من ربِّنا
لإغاثةِ اللهفانِ
يمحو خُطَى زلَّاتِنا
ويزيدُ في الميزانِ
بالصومِ أضحى شأنُنا
كملائكِ الرحمنِ
نفحاتُ برٍ تنجلي
بالجودِ والإحسانِ
والصدقُ عادَ يؤمُّنا
سعياً إلى الرضوانِ
الصومُ نبراسُ التُّقى
ومقوِّمُ الإنسانِ
شهرُ الفضائلِ فانهلوا
من نبعهِ الرَّيَّانِ
ياليتَ كلَ شهورِنا
في ذلكَ الرمضانِ
- شاركتَ في موسوعة (شعراء مصر للشّعر الفصيح)، كيف ترى أثر هذه المشاركات الّتي توثّق لشعراء عرب في عدّة دول؟
وما عنوان مشاركتك، ومضمونها؟
الحمد لله قبل كل شيء؛ نعم راسلت الكاتبة المغربية الأستاذة ( فاطمة بوهراكة) القائمة على موسوعة ( شعراء مصر المعاصرين) فأخذت بالتحري وجمع ما يثبت أنني شخص حقيقي ولست منتحلا صفة شخص آخر؛ وكان أكبر دليل على وجودي وحقيقتي هى قصائدي المصورة بصوتي وفيديوهاتي؛ حيث أظهر فيها ملقيا أشعاري؛ الموسوعة عمل ضخم عظيم ويستحق الإشادة؛ كذلك ورود اسم شاعر في موسوعة كتلك يعد شرفا كبيرا وتوثيقا وتخليدا له؛ ومشاركتي في الموسوعة بتعريف شخصي، وصورة شخصية، وثلاث قصائد هى ( وكيف العيد) و(لسان الضاد) و( أنا الإنسان)
- كيف تتوجّهُ برسالة شعريّة لأهلنا في فلسطين الحبيبة؟
رجومُ الحقِّ مازالت تصيبُ
وكيدُ الباطلِ في ضعفٍ يخيبُ
جبالُ الصخرِ أوجعَها التَّخلِّي
وصمتٌ خائنٌ قذِرٌ مريبُ!!
قيودُ الزيفِ سوأتُها تجلَّتْ
وأنجُمُها توارتْ إذ تغيبُ؟!
بيوتُ العنكبوتِ بيوتُ وَهْمٍ
مُزعزعةٌ ومنشأُها مَعيبُ
فلسطينُ القضيَّةُ لا سواها
وغزةُ حصنُها القلبُ الرَّحيبُ
فلسطينُ الأبيَّةُ في حماها
منارُ القدسِ مسجدُنا المَهيبُ
أيا عاراً فقد أزِفتْ وهانتْ
بلا أغلالِكم نحيا نطيبُ
- ما رأيك بموقع ديوان العرب، وما مقترحاتك لتطويره؟
– موقع ديوان العرب موقع رائد ومتميز، ومنذ أن بدأت النشر فيه صرت معه علما من أعلام الشعر والأدب؛ ومن يسعفه الحظ وينشر فيه فقد نال حظا عظيما؛ وهو موقع شامل جامع فيه شتى ألوان الأدب والفنون؛
ويا حبذا لو هناك قناة يوتيوب للموقع؛ إن لم تكن موجودة بالفعل؛ كذلك لو تنشرون قصائد مصورة فيديو؛ ولو أمكن أصدر جريدة إلكترونية شهرية أو نصف شهرية، وختاما دعواتي بالتوفيق والنجاح لموقعكم الرائد في مجال الأدب والثقافة.