حوار مع الروائي الفلسطيني عادل سالم
عادل سالم روائي، وشاعر، ومثقف، فلسطيني مقيم مع عائلته في الولايات المتحدة الأمريكية. رئيس تحرير موقع ديوان العرب أحد المواقع البارزة في ساحة الإبداع العربي، من أعماله الروائية: «عناق الأصابع»، «قبلة الوداع الأخير»، «عاشق على أسوار القدس»، «الحنين إلى المستقبل» وصدر له ثلاثة دواوين شعرية: «عاشق الأرض»، «نداء من وراء القضبان»، «الحب، والمطر» كما صدر له عدة مجموعات قصصية: «ليش ياجارة؟»، «لعيون الكرت الأخضر»، «الرصاصة الأخيرة»، «يوم ماطر في منيابولس»، «يحكون في بلادنا». كما صدر له عدة كتب دراسية: «الإجراءات الإسرائيلية ضد الطبقة العاملة الفلسطينية وحركتها النقابية في الضفة والقطاع من 1967 إلى 1987»، «في ضيافة (الهنود الحمر)»، «أسرانا خلف القضبان»، «أمة الإسلام في الولايات المتحدة». وقد كان لنا معه هذا الحوار
س: أنت مقدسي مقيم في المهجر ومع ذلك أنت حاضر في فلسطين دوما أو بالأحرى هي حاضرة فيك، كيف تتابع أخبار الإبادة في غزة وما تأثيرها عليك وعلى إبداعك؟
الاحتلال الصهيوني يقوم بارتكاب مجازر يومية أمام العالم أجمع بهدف تهجير سكان غزة نهائيا، وإسكان المستوطنين بدلا منهم، لكن مشروعه فشل، والنصر قادم إن شاء الله، أخبار الإبادة في غزة حركتنا، وحركت كل شرفاء العالم الذين قدموا، ويقدمون إسنادا في كل المجالات لدعم شعبنا هناك، وتعزيز صموده، ووقف الحرب. أما هول المجازر التي يرتكبها العدو فكل الإبداعات الأدبية تقف عاجزة عن نقل صور المعاناة، مجازر العدو هزتنا من الأعماق لتشحذ هممنا وتدفعنا للكتابة، رواية الطوفان يكتب الشهداء فصولها، لكنها ستجد طريقها للنشر بعد انتهاء الحرب
س :ما تعليقكم على ما يحدث في غزة إزاء الصمت العربي الرسمي من جهة والتواطؤ الدولي؟
الموقف الرسمي العربي منقسم إلى ثلاثة أقسام، قسم مشارك في الجريمة بإسناد العدو بكل متطلبات الحياة، ومن خلال إقامة العلاقات الرسمية، وهذا ليس سرا، وقسم صامت لأنه يخشى غضب الغرب على مصالحهم الشخصية، وقسم مشارك غزة في صمودها، ومقاومتها.
التواطؤ العربي مرده الانقسام الحاد الذي يعيشه العرب، وارتباط معظم الحكام العرب بالأمريكي الذي يحمي نفوذهم، وعروشهم، أما التواطؤ العالمي فيعود بالأساس للموقف العربي، فما دام العرب صامتين، ولا يستخدمون نفوذهم، ونفطهم لتحريك دول العالم فما الذي سيحرك حكام العالم؟! العالم يتحرك حسب مصالحه.
س: عرف عنكم موقفكم المتشدد من السلطة الوطنية الفلسطينية ودعوتم إلى حلها بل و حرضتم جماهير الضفة الغربية عليها ،كما دعوتم قوات الأمن إلى رفض أوامر السلطة والانضمام إلى صفوف الجماهير الثائرة ، ألا تخشون من حرب أهلية هكذا في الضفة الغربية؟ وتأثير ذلك على قضية حل الدولتين الذي يحظى بتأييد عالمي؟
هذه سلطة التخابر الأمني كما وصفها الشهيد نزار بنات الذي قتله مجموعة من عصابات أمنهم. سلطة محمود عباس مهمتها حماية أمن العدو، وملاحقة المقاومين، والناشطين ضد الاحتلال، والتنكيل بهم. كما تقوم بنهب خيرات الشعب الفلسطيني، وقتل الحس الوطني للمواطن الفلسطيني، كل ذلك كي يضمن أفراد هذه السلطة مناصبهم الوهمية من قبل إسرائيل، والدول المانحة وفي المقدمة منها الولايات المتحدة، الفساد في هذه السلطة فاق كل فساد في العالم، ولو كان لديهم أموال الخليج لفعلوا أبشع ما يفعله حاكم عربي مطبع.
س :تحضر القدس - عروس المدائن- وفلسطين في أعمالك السردية والشعرية ماذا تمثل لك القدس خاصة وفلسطين عامة وأنت مقيم بعيدا عنها في أمريكا؟
القدس تظهر في أهم أعمالي القصصية، والروائية، «عاشق على أسوار القدس»، «عناق الأصابع»، يحكون في بلادنا»، «نداء من وراء القضبان» إلى آخره. القدس بالنسبة لي كل فلسطين، هي مكان مولدي، ومهد طفولتي، وشبابي، وإليها أنتمي أينما عشت. لا تستغرب لو قلت لك أن الذكريات الوحيدة العصية على النسيان عندي هي ذكرياتي في القدس التي أحفظ كل تفاصيلها حتى وأنا ابن عامين.
القدس تعيش معي أينما رحلت، أكبر غلطة ارتكبتها في حياتي أنني غادرتها للعمل موهما نفسي بالعودة القريبة، لكن بعد اتفاق أوسلو اتخذت دولة الاحتلال قرارا بسحب بطاقة المواطنة من المقدسيين الذين يحملون جنسيات أخرى ويعيشون خارج القدس، فأصبحت في كل مرة أعود سائحا علي مغادرة الوطن خلال ثلاثة أشهر
أحببت كثيرا لكني
لم أعشق غيرك يا وطني
فتشت كثيرا
ورحلت طويلا
لكني الآن عرفت أخيرا
في غير ترابك يا وطني
الحب يموت وينتحر العشاق
مارست الكتابة السردية والشعرية، أين تجد نفسك؟
أجد نفسي حيث أستطيع أن أوصل رسالتي للناس، الدكتور الأديب السوري أحمد زياد محبك كتب لي منذ عشرين عاما أنني أكثر إبداعا في السرد، هناك يمكن أن تنقل أكثر من مشهد مرة واحدة.
س:الأدباء العرب الرواد من الشام ومصر الذين هاجروا إلى الأمريكيتين أسسوا جماعات أدبية كالرابطة القلمية والعصبة الأندلسية وساهموا في نهضة الأدب العربي الحديث كما لموا شملهم المشتت في بقاع الأرض، لم لم يقم الأدباء العرب المهاجرون بنفس المسعى والأمة العربية تحتاج في راهنها الثقافي إلى جماعات مثل تلك؟
سؤال مهم، لأن الخلافات السياسية القُطرية سبب رئيسي بذلك. فما يحدث في بلادنا العربية من صراعات سياسية، وطائفية، إلى آخره. يسحب نفسه على الجاليات العربية هنا، أقول جاليات عربية لأنها فعليا مقسمة هكذا، والكل يريدك معه، أقول لك بأمانة إن أكثر ما يفرق الجاليات العربية هم خطباء المساجد الذين معظمهم إن لم يكن كلهم يحرضون الناس على الكراهية، والتمترس الطائفي لأنهم يعتاشون على ذلك، هذا من ناحية أما من ناحية أخرى فجيل المهاجرين القديم أمثال من ذكرتهم، جاءوا في وقت كان العرب بخوضون معارك الاستقلال الوطني لذلك كان الحس الوطني، والقومي، والأممي في قمته، أما اليوم فمعظم الكتاب العرب في الولايات المتحدة هاجروا محملين بكل خلافات الساحة الأدبية العربية السياسية، موهمين أنفسهم أنهم بحصولهم على الجنسية الأمريكية قد أصبحوا كتابا أمريكيين فتبدأ في دواخلهم حالات الانسلاخ عن ماضيهم، وشعوبهم رغم أنهم يكتبون بلغتهم العربية، ويوجهون كتاباتهم للعرب، وكل متابعيهم وأصدقائهم من سكان البلدان العربية، وهم بالتالي متقوقعون عن المجتمع الذي يعيشون فيه، رغم ذلك يصر كثير منهم على تسمية أنفسهم كتابا أمريكيين، مع أنهم في الحقيقة كتاب عرب مقيمون في الولايات المتحدة. نعم حصلت محاولات لتأسيس اتحاد هنا، وعقدنا عدة اجتماعات لكنها باءت بالفشل للسبب الذي ذكرته
س:أنت روائي وشاعر ومثقف كيف تقيم أعمال أدباء فلسطين في حقلي الشعر والرواية؟ وهل نقلوا فعلا صوت فلسطين إلى العالم، أم أن الطريق لا يزال طويلا في وجود هيمنة إعلامية صهيونية وإمبريالية متواطئة على ذلك؟
في ثمانينيات القرن العشرين كانت الأعمال الأدبية الفلسطينية، والمقاومة في كل العالم أكثر انتشارا، لكنها بعد اتفاقيات أوسلو الخيانية تراجع هذا الدور الذي أصبح مهمشا، ولا يجد آذانا صاغية. عملية طوفان الأقصى بعثت ذلك من جديد، وشجعت المبدعين على الخروج من صوامعهم لرسم مرحلة جديدة توحد فيها كل أنصار الحق في كل العالم من أجل فلسطين، طوفان الأقصى أوصل الرسالة التي قصر الأدب فيها. لدينا إمكانيات هائلة لكن سلطة رام الله تجهض كل جهد بناء لا يخدم مصالحها. وللأمانة كثير من الكتاب، والشعراء في فلسطين يعتمدون على السلطة ف وظائفهم، لذلك تجد كثيرين منهم يسيرون في فلكها، وينعمون بفسادها
س: هذه أسماء لروائيين وشعراء ومثقفين من فلسطين نريد كلمة وجيزة في حق كل واحد منهم: عبد الرحيم، محمود، إبراهيم طوقان، فدوى طوقان، أبو سلمى، محمد القيسي، غسان كنفاني، محمود درويش، سميح القاسم إميل حبيبي، إدوارد سعيد ، هشام شرابي
كلهم أبدعوا في ساحة الأدب، والثقافة، رحمهم الله جميعا لكن بعد ذلك يختلف رأيي في كل منهم، ولا أريد أن يفهم كلامي في غير ما أريد له.
لكم الفضل في إنشاء موقع ديوان العرب الشهير منذ عام 1998 والذي ساهم في الارتقاء بالكتابة الأدبية الإلكترونية وقد كتب فيه أدباء ومثقفون وشعراء كبار، كيف تقيمون حصيلة جهدكم يمعية عدد من المثقفين المتعاونين معكم، وهل أنتم راضون عن أداء ديوان العرب؟
عندما يرضى الإنسان سيفقد القدرة على مواصلة الدرب، وتبدأ مرحلة الانهيار لهذا أقول لك لا أنا غير راض لأنني أطمح دوما للأفضل، نحن أسهمنا بجزء بسيط في النهوض بساحة الأدب التي تحتاج الكثير من البناء، جيل الشباب جيل معطاء لكنه محاصر، ويحتاج لمد يد العون له
س: من المبادرات الجيدة مساعيكم لتكريم شخصيات فكرية وأدبية كل سنتين في حفل رسمي بالقاهرة مع نخبة من الشاب المبدعين في إطار تواصل الأجيال ، من من الأدباء والمثقفين الكبار الذين قام ديوان العرب بتكريمهم، وكيف كان تجاوبهم مع هذه الالتفاتة وتأثير ذلك على الساحة الثقافية العربية؟
بدأنا بتكريم المبدعين العرب منذ أكثر من عشرين عاما، بعضهم رحل عن عالمنا، وقد تنوع التكريم بين مبدعين من الجيل القديم، وبعضهم من جيل الشباب الصاعد، وقد تجاوز عدد المكرمين المئة منهم من رحل ومنهم ما زال بيننا يواصل إبداعه، أكثرهم سعد بتكريمنا، لأن قرار التحكيم يصدر عن لجنة من الكتاب، والأكاديميين، والنقاد المشهود لهم. المبدعون الذين كرمناهم أثروا ساحة الأدب بإبداعاتهم ولهذا تم تكريمهم، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لهم.
قائمة ببعض من تم تكريمهم في هذين الرابطين
المكرمون من قبل ديوان العرب منذ عام 2004 حتى الآن
هل تتابعون الأعمال الفلسطيينة الشابة في الداخل والخارج، ماتقييمكم لأدائها،ماهي الأصوات في حقلي الشعر والسرد التي أثارت اهتمامكم؟
بالتأكيد نتابع ما يصدر من إبداع، قدر ما يتيحه لنا وقت فراغنا، لكني أرى أن ما يصدر حاليا لا يلبي الطموحات، فقد غلبت على الساحة التكتلات السياسة الأدبية بحيث تشاهد وجو أكثر من اتحاد أدبي. نعم هناك شعراء، وأدباء شقوا طريقهم، وأثروا ساحة الأدب، ولكني أفضل ألا أذكر أسماء
للمفتاح رمزية كبيرة عند الفلسطيني اللاجئ أو المهاجر، هل تمتلكون مفتاحا في بيتكم في أمريكا؟
لم يكن والدي من اللاجئين، ولا النازحين لأنه قرر ألا يغادر الوطن أثناء الحرب ١٩٦٧، وحملة المفاتيح كلهم من اللذين شردوا من بيوتهم عام ١٩٤٨، أو حرب ١٩٦٧ أو الذين صودرت بيوتهم منهم. ولم نملك يوما بيتا في فلسطين فقد كنا من العائلات المعدمة التي لا تملك إلا قوت يومها. لم نكن نحمل مفتاحا خاصا بنا لكنا حملنا الوطن كله.
وما كلمتك الاخير لــ:
– الساسة العرب في ظل صمتهم إزاء ما يحدث في غزة والضفة وجنوب لبنان
بدون خجل الصمت على هذه المجازر خيانة، معظم الحكام العرب رفعوا أيديهم واستسلموا للغول الأمريكي ليس فقط فيما يخص قضية فلسطين بل في كافة القضايا العربية
– الجماهير العربية التي أعيتها الحيلة ونزفت وجدانيا دون قدرتها على عمل ملموس وفعال.
بإمكانكم أن تقدموا أكثر، من غير المعقول أن المسيرات التي تتضامن مع غزة، ولبنان في دولة كالسويد أكبر من كل المسيرات التي تخرج في كافة الدول العربية، والإسلامية.
– لأهل غزة الذين ذاقوا الولايات من قتل وتهجير وتجويع ولا يزالون صامدين.
كلنا مهما قدمنا مقصرون بحقكم ونخجل أن نقول لكم كلمة، أنتم أصحاب القرار، ونحن نسير خلفكم.
– لجماهير الضفة الغربية.
لكل أبناء شعبنا أن يتوحدوا في وجد هذا العدو الذي يحاول اقتلاعهم، وتهجيرهم من وطنهم.
– للسلطة الوطنية الفلسطينية.
أن تحل نفسها، وتترك الفرصة لقيادة وطنية مقاومة تقود النضال الوطني الفلسطيني. سلطة التخابر الأمني تقف في خندق الأعداء، وأساءت للقضية الفلسطينية وتتحمل المسؤولية كاملة عما وصلنا إليه.
– للرئيس الأمريكي الجديد.
أوقف الحروب في فلسطين، وأوكرانيا، واستمع لصوت الجماهير الأمريكية التي تتظاهر ضد الحروب، ووقف كافة الدعم عن الكيان الصهيوني، وحل حلف الناتو، وتحويل الأموال التي تنفق على السلاح إلى استثمارات تفيد الناس، وترسي أسس السلام، والتآخي بين الشعوب