

الليلة السودانية في أدبي الجوف
حزن القصائد انعكاس لأوضاع السودان ومصادر الشعر غامضة تأتي من الإلهام والذاكرة!.
في إطار تواصل النادي الأدبي بالجوف مع تجارب الشعراء العرب المقيمين بالسعودية، استضاف النادي ليلة شعرية سودانية أحياها كل من الشعراء نصار الحاج ومحمد جميل أحمد، في إطار تواصل النادي الأدبي بالجوف مع تجارب الشعراء العرب المقيمين بالسعودية. وقد أكد الشاعر نصار الحاج في مداخلات الجمهور أن قصيدة النثر أخذت حيزا كبيرا الآن، ولم تعد هامشاً، مؤكدا على أهمية قصيدة النثر وأنه لابد أن تحضر على المنبر وأن يكون لها حيز ويجب أن نكون متحركين في جميع جوانب الحياة، كذلك في الشعر من الضرورة أن تحصل تحولات هنا وهناك وقصيدة النثر رهان يتحرك على نطاق أوسع، ويجب على الناس أن تستمع لقصيدة النثر بعيداً عن القوانين والقيود الصارمة فيما اعتبر الشاعر محمد جميل أحمد أن غموض الشعر هو الذي يسمح بقراءته للمرة الأولى والثانية والثالثة، وأن للقصيدة منابع كثيرة، والشعر بصورة عامة سواء كان مقفى أو نثريا أو حتى تفعيلة.
فهذه أشكال خارجية للشعر؛ الشعر الذي يتشكل في الداخل، كما أن مصادر الشعر غامضة تأتي من الإلهام و الذاكرة و من التجارب الشخصية أو تأتي من طبيعة الحياة العامة، وهي غامضة جداً جداً، وغموض الشعر هو الذي يسمح له بإمكانية القراءة للمرة الأولى والثانية والثالثة و لذلك فإن من الصعب أن يمسك الشاعر بسبب واضح لقصيدته، ولهذا فإن مهمة الناقد فحص النص من خلال أدوات معرفية وأدوات لغوية، أما الشاعر فغالباً ما يكون مسؤولاً عن التعبير الجمالي لقصيدته أو عن الفكرة، وقد يكون الشاعر تحت إلحاح أو حالة تقوم بالضغط عليه، وقد يكتب القصيدة في نصف ساعة، وأحياناً تكون عبر التراكم وتأخذ أياما وقد تأخذ شهرا أحياناً، فتختلف الحالات التعبيرية عن الشعر باختلاف التجربة باختلاف إحساس الشاعر.
وتابع الشاعر جميل قائلا بأنه شاعر قبل أن يصبح روائياً، مشيرا إلى أنه كتب الشعر قبل الرواية بكثير : " تجربتي في الرواية تجربة واحدة فقط، وكتبتها تحت ضغط معين، ولكن في الأصل أنا شاعر فقط، ما حصل هو أن الرواية صدرت قبل الديوان".
وفي رد للأستاذ نصار قال أنه مهما كان السفر برغبة، فإنه يبقى صعب جداً، فأنت تريد أن تقطع صلتك بوطنك، ولكن بمجرد مغادرتك يعتريك وجع غير طبيعي بعد ذلك يكون هناك ألفه ما وإحساس جميل. وفي إجابة على سؤال الحزن في قصائد الشعراء أجاب الشاعر محمد جميل بأن لكل شخص حزنه، "ولكن ما يحدث في السودان هل يدعو للفرح؟"؛ في إجابة ضمنية على الحزن على انفصال الجنوب.
وقد بدأت الليلة بكلمة ترحيـبية للأستاذ إبراهيم الحميد بالشعراء بمنطقة الجوف، كما شكرهم على حضورهم وقبولهم دعوة النادي، ومن ثم أبدى الشعراء امتنانهم لنادي الجوف الأدبي على هذه الاستضافة، كما بدأوا بسرد سيرتهم الذاتية. بعد ذلك بدأ الأستاذ نصار الحاج بإلقاء قصائده، استهلها بقصيدة «وردة السافنا»، وجاء فيها:
واحدة من نيران السّافنّاعشب الله الساحر في غابات الزنجتلعن كولمبوس في غفوته الأبديةفتَّح أذنيه لهسيس النسل القادمنام بشهوته الأولى ثانيةوتغطى .
ومن ثم قرأ قصيدة «أيها الأصدقاء»، ومنها:
أيها الأصدقاءأيها الأصدقاءالسَّماء التي رصفنا زُرْقتَها بالسَّهرلوّنَت رمادَ الأرضِ بالفوانيسوأزهرتْكأحجارِ البراكينِ في عتمةِ الليل
ومن ثم قرأ الشاعر محمد جميل أحمد قصيدة «يا حوفزان»، ومنها:
قال: (أمنكم الحوفزان بن شريك قاتل الملوك، وسالبها أنعمها؟قالوا: لا ... قال : ـفلستم من ذهل الأكبر)
ياحوفزان:ها هم بنو شيبان قد شربواصقيعَ الصمت إذ رفعوا شعاراتِ المسيحْالليل أوصد كوّةَ الشفقِ الشحيحْوهناك خلف نهارك الأبديِّزحفُ هياكل الموتى على الوطن الكسيحْكيف ارتحالك في حِمى الرومان حينتكون أقنعة المنايا السودِخلفك كالرّديفْوعلى المضارب خيمةُ الوطنِ المسجّىفي المدى .... تتناوحُ « النَّخوات»« يا ذهلا» وترجع كالثرىالصادي إلى المطر العنيفْ.
ومن ثم قرأ قصيدة «سيرة المحو»، وهي قصيدة مقفاة، ومنها:
عابـِراً كنتُ والـدُّرُوبُ ضَـبَابُوالــمَـرائي بـَـريـِـقــُهـُـنَّ السَّــرَابُلمَعــَـتْ حَوْلـِــيَ الأمانِـي فـَـلـَّمَاأوْشـَكَ الوَصْـلُ غـَادَرتـْـنِي الرِّغَابُلـَم أزَلْ كالـَغـُيـُوم ِهَـشـَّا خـَفـَيـِفا ًبـِيـَــدِ المَحْـو والـلـَّـيـَالِي كِــتــَابُفـَكـَـأنـَّي دُمـُـوعُ شـَمـْع ٍتـَـناهَىأوْ كــأنَّ الشـُّـمُـوع عُـمْـرٌ مُـذ ابُ
ومن ثم يعود الشاعر نصار بقصيدة «الغريب» الذي قال منها:
البيتُ الذي كانَ مأهولاً بالأصدقاءِتصدّعتْ أبوابُهُصار مأوىً للعناكبِوالطيرِوالحيواناتِ التي فَرَّت من حظائرهاتحت صريرِ المجنزراتصارَ الشارعُيقودُ إلى مقبرةِ الأطفالِ
بعد ذلك قرأ نصا شعريا عنوانه «الوقت الذي يشبهك»، ومنه:
عبرنا جسر الغيابفي اللحظة الأخيرة من صرير الورقةكانت المحابرفي ذلك الوقت من منتصف النهارتهذِّب الحبر والطاولةَ والمفرداتبشاهق الكلام اللطيفوالكونُ على شرفةِ الوقت يلوِّنُ الشفاه بذاكرةِ الشجرالشجر ملاءة الظّلوطارد الظّهيرة من شوارعِ النّهار.
في هذا الوقت الرّهيفِ من صهيلِ الأغنيات. ثمةَ شئ يحدثُ دون رغبةٍ يا سيِّدتي . الرُّعاة في حقل العملِ يزرعون وقتكِ بإرهاقاتٍ كثيرة
بعد ذلك قرأ الشاعر محمد جميل أحمد قصيدة بعنوان «الطرائد»، ومنها:
شَجرُ الليل ِ نحنُ، نطلعُ من عتـَبات الصدى.الغيومُ نساءٌ توشـّحْنَ بين الطرائد، فرساننا يندبونَعلى قـَمر ٍ خاسر، والقبائلُ مغلولة ٌ،أولُ الدهر/آخره في الرمال .كان الصَّدى ما تقولُ به الريحُ،كان المدى صَهوةً للطـِّرادْ
ومن ثم قصيده أخرى بعنوان «لا تكن إن شئت شاعراً»، ومنها:
أعمار البهجةفي الظلال الصغيرةترى ما يشبه عابرافيما الذي يعبرك إلى الفراغلا يشد أسلاك الروحثمة رحيق يتعـفـَّن في القوالب الخربةومن صلاة الغيومفي الأعاليرِهام ٌ يشع خيوطا من الماءومرايا مصقولة بالسرابومن: خان الزنجأمشي بـ(خان الزنج) منتبها إلى أصوات أسلافيكانوا يغنون بلسانويصلون بلسانويرقصون بجسد واحدثم ينطفئون.
ومن ثم القاء الشاعر محمد جميل قصيدتين بعنوان «طيور الرماد» و «بلد من غبار»،
فمن «طيور الرماد»:
كبرق الغواية عابرا في أقواس الرمادرأيتهم فوق الجرفوتحت الغيومبين الشمس والدمكانوا يعبرون السرابكظلال الغجروثمة شمس إلهيةحيث يطيرونكعصافير مسحورةبلا وعدفي مجاز الأبدية.ومن «بلد من غبار»:كانطفاءِ المصابيح ِ في ليلةٍضلَّ عنها النهارْتستريح ُ الهموم ُ على جسدٍأطفأته الرياحْغارقا ً في التــّجـليكما الروح ِ حين يشـفُّ الحجابْ