

أرشيف الذاكرة
قمة الألم أنك حينما تدخل مجلس عزاءٍ، وتجد من كنت تستند عليه في طفولتك بالذهاب للمدرسة، يطلب منك العون في مشيته، وأصبح وجهه كتلة من القطن الأبيض!
وحين تُذكره بنفسك يهمس في أُذنك: (تره الكبر شين يا ولديه) بلهجته الحساوية!
أحقاً كبروا لوحدهم، أم نحن نسير خلفهم بنفس الطريق وتعدد العقبات؟!
وهل من سيخلفنا سيتذكرنا بنفس المقام، أم أن الأيام طالتها الأقدار وأرهقتها الأسفار، والكل منا يطلب حُسن المنقلب والعاقبة؟!
فمن كان يرى ترمدت عيناه، ومن كان يمشي أصبحت عصاة عمره تستبقه بالخُطوات، ومن كانت حياته قوة وسعادة ونُظرة أصبحت ملامحه مُترهلةً كالورق المبلول بالماء، وجُلَّ أسنانه مُتساقطة ومُتباعدة بحجم السنين التي عاشها لأهوالها المُتسارعة!
حقيقة الحياة رسالة، وما نحن إلا قصة قصيرة جداً عليها لأعمارنا وأعمالنا..
فكيف للذكرى أن يمسحها الزمن بأياديه؛ وقد تغلغلت في أقصى الذاكرة؟!
أجل، دمُوع مُتعهدة، وأمانٍ مُتجددة، ومآقٍ مُتوردة..
فطُبْ نفساً يا من كُنت هُنا، وجلببتك خيوط الرحيل بالكفن..
وكأن لسان حالنا يقول:
تعبت أعليك يا يمه بعد شتريدصدق هاي السفر وبلايا رجعهأخذ جسمي القبر ودموعك اتزيدورويحي ترف عصفور فجعهأداوي الجرح يا قليبي ما يفيدوسهام اليتم وعيون هزعهأثاري الدرب يا وليدي ابعيدواشناطه الحزن ورموش فزعه
ليرتد الصدى:
اشلون تروحين وقليبه سهرانوكاروكه الحزن ويظل حيرانوديللوه الولد يا وليدي وجعانديللوه البخت ما وفى أوياچوعلى افرات الحزن كلنا يتاماچيمه أوصيچ لا تنسي وصاياچعلى قبرچ نهل دمعات لسنينبقى وجهي چدم وياهو سرح وينويمر الطيف ونذكرها سويهعلى ترابچ ترف جنح الفراشاتوسواد الليل يهتف يا ورد ماتعطيه رشفه وينضح بالشفيه